للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُخنَّثَ والزَّاني، ومَنعَ الحِمْيَريَّ مِنَ السَّلبِ الَّذي أمَرَ خالِدًا أنْ يُعطيَهُ إيَّاهُ، فحَرَّمَهُ عليهِ بعْدَ أنْ أوجَبَهُ لهُ؛ ليَزجرَ بذلكَ عَنْ التَّعدِّي على وُلاةِ الأُمورِ لمَّا اعتَدَى عَوفُ بنُ مالِكٍ على خالدٍ، وكذلكَ ما رُوِيَ مِنْ مَنعِ الغالِّ سَهمَهُ، وأيضًا فإنَّهُ لمَّا أمرَ بهَجْرِ الثَّلاثةِ الَّذينَ خُلِّفُوا أمَرَ أزواجَهَم بهَجْرِهم، ومَنعَهنَّ أنْ يُمكِّنُوهِم مِنْ مُضاجَعَتِهم، معَ أنَّ هذا حَلالٌ للزَّوجِ معَ امرأتِهِ، وهذا أبلَغُ مِنْ مُوجَبِ الظِّهارِ؛ فإنَّ هذا تَحريمٌ لنِسائِهِم عَليهِم إلى أنْ يَتوبَ اللهُ عَليهِم أو يَحكُمَ اللهُ بحُكْمٍ آخَرَ، والمُظاهِرُ تَحرُمُ عليهِ إلى أنْ يُكفِّرَ، فأثبَتَ مُوجَبَ الظِّهارِ تَعزيرًا لِمَنْ استَحقَّ التَّعزيرَ بالهجرَةِ، وعاقَبَ المُتلاعنَينِ بتَحريمِ كلٍّ مِنهُما على الآخَرِ، وهذا أبلَغُ مِنْ مُوجَبِ الطَّلاقِ، فإذا كانَ قَدْ عاقَبَ بتَحريمٍ أخَفَّ مِنْ مُوجَبِ الطَّلاقِ وبتَحرِيمٍ أبلَغَ مِنْ مُوجَبِ الطَّلاقِ، وجعَلَ الثَّاني شَرعًا مُطلقًا، وجعَلَ الأوَّلَ تَعزيزًا يَسوغُ أنْ يَفعلَهُ الأئِمَّةُ بمَن أذنَبَ مِثلَ ذلكَ الذَّنبِ، لم يَمتَنِعْ أنْ يكونَ أميرُ المُؤمنِينَ عُمرُ بنُ الخَّطابِ -معَ كَمالِ عِلمِه ونُصْحِه للأمَّةِ- رَأى أنْ يُعاقِبَ المُستكثِرينَ ممَّا نَهَى اللهُ عنهُ، الَّذينَ لم يَرتَدِعُوا بمُجرَّدِ نَهيِ الشَّارعِ، بما هوَ مِنْ جِنسِ العُقوباتِ المَشروعةِ، وقد كانَ أحيانًا يَهُمُّ بنَهيِهم عَنْ أشياءَ وعُقوبتِهم بالمَنْعِ ثمَّ يَتبيَّنُ لهُ الصَّوابُ في ذلكَ، كما هَمَّ أنْ يَمنعَهم مِنَ الزِّيادَةِ في قَدْرِ الصَّداقِ على ما فعَلَهُ النَّبيُّ بأزواجِهِ وبَناتِه، ويجعلُ فِعْلهُ شَرعًا لازمًا لهمْ لا يَزْدادُونَ عليهِ، وأنْ يُعاقِبَ مَنْ جاوَزَ فعْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>