النَّبيِّ ﷺ بجَعْلِ الزِّيادةِ في بَيتِ المالِ، حتَّى تَبيَّنَ لهُ أنَّ ذلكَ ممَّا أباحَهُ اللهُ لهم، فلا يُمنَعونَ منهُ ولا يُعاقَبونَ عليهِ.
وإلَّا فهَلْ يَظنُّ مَنْ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ ويَعرِفُ حالَ السَّابقِينَ الأوَّلينَ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ أو غيْرَهُ مِنَ الخُلفاءِ الرَّاشِدينَ كانَ يَعمدُ إلى نَسْخِ شَرعِ النَّبيِّ ﷺ؟ وأنَّ المُسلِمينَ يُقرُّونَهُ على ذلكَ معَ عِلمِه وعِلمِهِم بأنَّ هذا نَسْخٌ لِشَرعِه، نَعمْ، الأمُورُ الاجتهاديَّةُ الَّتي يَفعَلُها أحَدُ الخُلفاءِ تارةً يُوافِقُه عَليها جَماعَتُهم، وتارَةً يُوافِقُه عَليها بَعضُهم ويُنكِرُها بَعضُهم إنكارَ مُجتهِدٍ على مُجتهِدٍ، كما أنكَرَ عِمرانُ بنُ حُصينٍ وغيرُهُ على عُمرَ ما قالَهُ في مُتعةِ الحَجِّ، معَ أنَّهُ قدْ ثبَتَ عَنْ عُمرَ أنَّهُ لم يُحرِّمْها، وأنَّهُ كانَ لهُ فيها اجتهادٌ مُتنوِّعٌ.
وإذا كانَ هذا مَخرَجَ ما فعَلَهُ عُمرُ فيُقالُ: مَنْ كانُوا عالِمِينَ بالتَّحريمِ وأقدَمُوا عليهِ بعْدَ علْمِهم بالتَّحرِيمِ واستَكثَروا منْهُ بعْدَ عِلمِهم بالتَّحرِيمِ، فمَن ألزَمَهم بهِ فقَدِ اقتَدَى بعُمَرَ في ذلكَ وبمَن وافَقَه مِنَ الصَّحابةِ.
وأمَّا مَنْ لم يَعلَمْ أنَّ ذلكَ مُحرَّمٌ أوِ اعتَقدَ أنَّهُ مُباحٌ وفعَلَهُ فهذا لا يَستَحِقُّ أنْ يُعاقَبَ، ولا يُمكِنُ إلزامُهُ بهِ على وَجهِ العُقوبَةِ، إلَّا أنْ يَكونَ الشَّارعُ ألزَمَهُ بالثَّلاثِ، وظهَرَ مَقصُودُ عُمرَ؛ فإنَّهُم إذا كانُوا يَعتَقدُونَ تَحريمَهُ والشَّارِعُ نهَاهُم عنْهُ، وإذا أوقَعُوهُ جعَلَهُ واحدَةً، فإذا صارُوا يُوقِعونَهُ قاصِدِينَ للثَّلاثِ صارُوا يَقصِدُونَ ما نُهُوا عَنهُ، وقدْ يَعتَقدُ عامَّتُهم وُقوعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute