للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْرًا وصِفةً، ثمَّ أربَعونَ بالسِّياطِ، وهذا أعلَى في الصِّفةِ دُونَ القَدرِ، ثمَّ ثَمانونَ بالسِّياطِ، وهذا أعلى مِنهُما، وهلْ يُعاقَبُ فيها بالقَتلِ بعْدَ الثَّالثةِ أو الرَّابعةِ إذا لَم يَنتَهُوا إلَّا بذلكَ؟ فيهِ أحاديثُ ونزاعٌ ليسَ هذا مَوضعَهُ.

فحَديثُ عَبدِ يَزيدَ أو رُكانةَ مَرويٌّ مِنْ هَذينِ الوجهَينِ، وأقلُّ أحوالِهِ حِينَئذٍ أنْ يكونَ حسَنًا، فإنَّ الحسَنَ عندَ التِّرمذيِّ هوَ ما رُويَ مِنْ وجهَينِ ولم يُعلَمْ في رِواتهِ مُتَّهَمٌ بالكَذبِ، ولم يُعارِضْهُ ما يَدلُّ على غَلطِهِ، وهو مِنْ أحسَنِ ما يَحتَجُّ بهِ الفُقهاءُ، وقدْ يُقالُ: هوَ صَحيحٌ، وابنُ حبَّانَ وإنْ كانَ قدْ صحَّحَ حَديثَ «البَتَّة»؛ فإنَّه يُصحِّحُ حَديثَ ابنِ إسحاقَ هوَ وغَيرُهُ كابنِ خُزيمَةَ وابنِ حزْمٍ وغَيرِهِما، وابنُ حَزمٍ وغَيرُه يُضعِّفونَ حَديثَ «البَتَّة» كما ضَعَّفَه أحمَدُ .

وابنُ إسحاقَ إمامٌ حافِظٌ، لكنْ يُخافُ أنْ يُدلِّسَ ويَخلِطَ الأحاديثَ بعضَها ببَعضٍ، فإذا قالَ: «حدَّثني» زالَتِ الشُّبهَةُ، وقدْ ذَكرَ أنَّ داودَ بنَ الحُصينِ حدَّثَه وعَمِلَ بما حَدَّثَه بهِ.

ولا يَستَريبُ أهلُ العِلمِ بالحَديثِ أنَّ هذا الإسنادَ أرجَحُ مِنْ إسنادِ «البَتَّة»، هذا لو انفَردَ، وأمَّا معَ مُوافقَتِه لحَديثِ أبِي الصَّهباءِ الَّذي في «صَحِيح مُسلِمٍ» فإنَّ ذلكَ ممَّا يُؤكِّدُ الاحتِجاجَ بذلكَ الحَديثِ، ويُرَدُّ على مَنْ علَّلَهُ بما لا يَقدَحُ في صحَّتِه، كقَولِ مَنْ قالَ: إنَّ ابنَ عبَّاسٍ رُويَ عنهُ بخِلافِهِ، فصارَ حَديثُ عِكرمةَ يُروَى عنِ ابنِ عبَّاسٍ مِنْ وَجهَينِ، وجَهالةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>