البَيعَ، وليسَ هَذا الرَّدُّ مُستلزِمًا لِصحَّةِ البَيعِ؛ فإنَّه بيْعٌ باطِلٌ، بَلْ هوَ رَدُّ شَيئَينِ إلى حالَةِ اجتِماعِهِما كما كانَا، وهكذا الأمْرُ بمُراجَعةِ ابنِ عُمَرَ امرَأتَه، ارتِجاعٌ ورَدٌّ إلى حالَةِ الاجتِماعِ كما كانَا قبْلَ الطَّلاقِ، وليسَ في ذلكَ ما يَقتَضِي وُقوعَ الطَّلاقِ في الحَيضِ أَلبتَّةَ.
وأيضًا: فلو كانَ الطَّلاقُ قَدْ وقَعَ كانَ ارتِجاعُها ليُطلِّقَها في الطُّهرِ الأوَّلِ أو الثَّاني زيادَةً وضَررًا عَليها وزِيادَةً في الطَّلاقِ المَكروهِ، فليسَ في ذلكَ مَصلحةٌ لا لهُ ولا لها، بلْ فيهِ إنْ كانَ الطَّلاقُ قَدْ وقَعَ بارتِجاعِه ليُطلِّقَ مَرَّةً ثانيةً زيادَةُ ضَررٍ، وهوَ لَم يَمنَعْه عنِ الطَّلاقِ، بل أباحَهُ لهُ في استِقبالِ الطُّهرِ معَ كَونِه مُريدًا لهُ، فعُلِمَ أنَّه إنَّما أمَرَه أنْ يُمسِكَها وأنْ يُؤخِّرَ الطَّلاقَ إلى الوقْتِ الَّذِي يُباحِ فيهِ، كما يُؤمَرُ مَنْ فعَلَ شَيئًا قبْلَ وقْتِه أنْ يَرُدَّ ما فعَلَ ويَفعلَه إنْ شاءَ في وقْتِه؛ لقَولِه ﷺ: «مَنْ عَمِلَ عَملًا ليسَ عليهِ أمرُنَا فهوَ رَدٌّ»، والطَّلاقُ المُحرَّمُ ليسَ عليهِ أمْرُ اللهِ ورَسولِه فهوَ مَردودٌ، وأمَرَهُ بتأخيرِ الطَّلاقِ إلى الطُّهرِ الثَّاني ليَتمكَّنَ مِنَ الوَطءِ في الطُّهرِ الأوَّلِ، فإنَّه لو طلَّقَها فيهِ لَم يَجُزْ أنْ يُطلِّقَها إلَّا قبْلَ الوَطءِ، فلم يَكُنْ في أمْرِه بإمساكِها إليهِ إلَّا بزيادَةِ ضَررٍ عَليها إذا طلَّقَها في الطُّهرِ الأوَّلِ.
وأمَّا قَولُه: «أَرأيتَ إنْ عجَزَ واستَحمَقَ» فيَا سُبحانَ اللهِ؛ أينَ البَيانُ في هذا اللَّفظِ بأنَّ تلكَ الطَّلقَةَ حسَبَها عَليهِ رَسولُ اللهِ ﷺ؟! والأحكامُ لا تُؤخَذُ بمِثلِ هذا، ولَو كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ قد حسَبَها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute