للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو صَحَّحناهُ لَكانَ لا فرْقَ بيْنَ المَنهيِّ عنهُ والمَأذونِ فيهِ مِنْ جِهةِ الصِّحةِ والفَسادِ.

١٠ - ولأنَّ الشَّارعَ إنَّما نَهَى عنهُ وحرَّمَه لأنَّهُ يُبغِضُه ولا يُحبُّ وُقوعَهُ، بلْ وُقوعُه مَكروهٌ إليهِ، فحَرَّمَه لِئلَّا يقَعَ ما يُبغِضُه ويَكرهُه، وفي تَصحيحِه وتَنفيذِهِ ضِدُّ هذا المَقصودِ.

١١ - وإذا كانَ النِّكاحُ المَنهيُّ عنهُ لا يَصحُّ لأجْلِ النَّهيِ، فما الفرْقُ بيْنَه وبيْنَ الطَّلاقِ؟ وكيفَ أَبطلْتُم ما نهَى اللهُ عنهُ مِنَ النِّكاحِ وصَحَّحْتمُ ما حرَّمَهُ ونهَى عنهُ مِنَ الطَّلاقِ؟ والنَّهيُ يَقتضِي البُطلانَ في المَوضعَينِ.

١٢ - ويَكفِينا مِنْ هذا حُكمُ رَسولِ اللهِ العامُّ الَّذي لا تَخصيصَ فيهِ بِرَدِّ ما خالَفَ أمْرُه وإبطالِهِ وإلغاءِهِ، كما في الصَّحيحِ عنهُ مِنْ حَديثِ عائِشةَ : «كلُّ عمَلٍ ليسَ عَليهِ أمْرُنا فهُوَ رَدٌّ»، وفي رِوايةٍ: «مَنْ عَمِلَ عَملًا ليسَ عليهِ أمْرُنا فهوَ رَدٌّ»، وهذا صَريحٌ أنَّ هذا الطَّلاقَ المُحرَّمَ الَّذي ليسَ عليهِ أمْرُه مَردُودٌ باطِلٌ، فكيفَ يُقالُ: «إنَّهُ صَحيحٌ لازِمٌ نافِذٌ»؟ فأينَ هذا مِنَ الحُكمِ بِرَدِّه؟!

١٣ - ولأنَّهُ طَلاقٌ لَم يَشرَعْه اللهُ أبدًا، وكانَ مَردُودًا باطِلًا كطَلاقِ الأجنبيَّةِ، ولا يَنفَعُكم الفَرقُ بأنَّ الأجنبيَّةَ ليسَتْ مَحلًّا للطَّلاقِ بخِلافِ الزَّوجةِ؛ فإنَّ هذهِ الزَّوجةَ ليسَتْ مَحلًّا لِلطَّلاقِ المُحرَّمِ، ولا هوَ ممَّا ملَّكَهُ الشَّارِعُ إيَّاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>