للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حَديثِ فاطِمةَ بنتِ قيسٍ «أنَّ زَوْجَها أَرسَلَ إليها بثلاثِ تَطليقاتٍ» (١).

ولأنَّ كلَّ طلاقٍ جازَ تَفريقُهُ جازَ جَمعُهُ، أَصلُهُ طلاقُ الزَّوجاتِ يَجوزُ أنْ يَجمَعَهنَّ في الطَّلاقِ وأنْ يُفرِّقَهنَّ.

ولأنَّ كلَّ طلاقٍ جازَ تفريقُهُ في الأَطهارِ جازَ إيقاعُهُ في طُهرٍ، أصلُهُ إذا طلَّقَ في طُهرٍ ثمَّ راجَعَ فيهِ ثمَّ طلَّقَها فيهِ ثمَّ راجَعَ ثمَّ طلَّقَها فيهِ ثمَّ راجَعَ.

ولأنَّ الثَّلاثَ لفظٌ يقطَعُ الرَّجعةَ فجازَ إيقاعُهُ في طُهرٍ لا جِماعَ فيهِ كالواحِدةِ بعدَ اثنتَينِ أو كالخُلعِ (٢).

وذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ والحنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ جمْعَ الثَّلاثِ في وقتٍ واحدٍ أو في طُهرٍ واحِدٍ مُحرَّمٌ وبِدعةٌ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾، فهذهِ الآيةُ تَضمَّنَتِ الأمرَ بإيقاعِ الاثنتَينِ في مَرَّتَينِ، فمَن أَوقعَ الاثنتَينِ في مَرَّةٍ فهوَ مخالِفٌ لِحكْمِها، وممَّا يَدلُّ على ذلكَ قولُهُ تَعالى: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾، وظاهِرُه يَقتَضي تحريمَ الثَّلاثِ؛ لِمَا فيها مِنْ تَحريمِ ما أَحلَّ لنَا مِنْ الطَّيباتِ، والدَّليلُ على أنَّ الزَّوجاتِ قد


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (٣٤٠٣).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ١١٧، ١٢١)، و «نهاية المطلب» (١٤/ ١٢)، و «البيان» (١٠/ ٨٠، ٨٢)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١٢٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٥٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥٠٣، ٥٠٤)، «المغني» (٧/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣١٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>