تَناولَهنَّ هذا العُمومُ قولُه تعالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾، فوجَبَ بحقِّ العُمومِ حظْرُ الطلاقِ المُوجِبِ لِتَحريمِها، ولولا قِيامُ الدَّلالةِ في إباحةِ إيقاعِ الثَّلاثِ في وقتِ السنَّةِ وإيقاعِ الواحدةِ لغَيرِ المَدخولِ بها لاقتَضَتِ الآيةُ حظْرَه، ومِن جهةٍ أُخرى مِنْ دلائلِ الكتابِ أنَّ اللهَ تعالَى لم يُبِحِ الطَّلاقَ ابتِداءً لِمَنْ تَجبُ عليها العِدَّةُ إلَّا مَقرُونًا بذكْرِ الرَّجعةِ، منها قولُهُ تَعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾، وقولُهُ تَعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، وقولُهُ تعالَى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ ﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾، فلم يُبحِ الطَّلاقَ المُبتدَأَ لِذواتِ العِدَدِ إلَّا مَقرونًا بذكْرِ الرَّجعةِ، وحكْمُ الطَّلاقِ مأخوذٌ مِنْ هذهِ الآياتِ، لَولاها لم يكُنِ الطَّلاقُ مِنْ أحكامِ الشَّرعِ، فلم يَجُزْ لنا إثباتُهُ مَسنُونًا إلَّا على هذهِ الشَّريطةِ وبهذَا الوَصفِ (١).
(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٧٥، ٧٦)، «بدائع الصنائع» (٣/ ٨٩، ٩٠)، و «الهداية» (١/ ٢٢٦، ٢٢٧)، و «الاختيار» (٣/ ١٥٢، ١٥٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٩١)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٦٧)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٩٠)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٨٥)، و «اللباب» (٢/ ٧١، ٧٢)، و «التمهيد» (١٥/ ٦٩، ٧٠)، و «الاستذكار» (٦/ ١٥٦)، و «تهذيب المدونة» (١/ ٣٧٥)، «الإشراف» (٣/ ٤١٢، ٤١٣) رقم (١٢٣٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٥٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٣٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٢٩، ١٣٠)، و «المغني» (٧/ ٢٧٨، ٢٨١، ٢٨٢)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣١٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٦٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٤٤٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٧٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute