ولأنَّ الإنسانَ قَدْ يَحتاجُ إلى حَسمِ بابِ نِكاحِ امرَأتِه عَلى نفْسِه؛ لِمَا ظهَرَ لهُ أنَّ نِكاحَها ليسَ بسَببِ المَصلحةِ لهُ دُنيَا ودِينًا، لكنْ يَميلُ قَلبهُ إليها لحُسنِ ظاهِرِها، فيَحتاجُ إلى الحَسمِ على وَجهٍ يَنسَدُّ بابُ الوُصولِ إليها ولا يَلحقُه النَّدمُ، ولا يُمكِنُه دفْعُ هذهِ الحاجَةِ بالثَّلاثِ جُملةً واحِدةً؛ لأنَّها تُعقِبُ النَّدَم عسَى، ولا يُمكِنُه التَّداركُ فيَقعُ في الزِّنَا، فيَحتاجُ إلى إيقاعِ الثَّلاثِ في ثلاثةِ أطهارٍ، فيُطلِّقُها تَطليقةً رَجعيَّةً في طُهرٍ لا جِماعَ فيهِ ويُجرِّبُ نفْسَه أنْ هَلْ يُمكِنُه الصَّبْرُ عنها، فإنْ لَم يُمكِنْه راجَعَها، وإنْ أَمكَنَه طلَّقَها تطليقةً أُخرَى في الطُّهرِ الثَّاني، ويُجرِّبُ نفْسَه، ثمَّ يُطلِّقُها ثالِثةً في الطُّهرِ الثَّالثِ، فيَنحسِمُ بابُ النِّكاحِ عَليهِ مِنْ غَيرِ نَدمٍ يَلحقُه ظاهِرًا أو غالِبًا، فكانَ إيقاعُ الثَّانيةِ والثَّالثةِ في الطُّهرِ الثَّاني والثَّالثِ طلاقًا لحاجَةٍ، فكانَ مَسنُونًا، على أنَّ الحُكمَ تَعلَّقَ بدَليلِ الحاجَةِ لا بحَقيقتِها؛ لكَونِها أمْرًا باطِنًا لا يُوقَفُ عليهِ إلَّا بدَليلٍ، فيُقامُ الطُّهرُ الخالِي عنِ الجِماعِ مَقامَ الحاجَةِ إلى الطَّلاقِ، فكانَ تَكرارُ الطُّهرِ دليلَ تَجدُّدِ الحاجَةِ، فيُبنَى الحُكمِ عَليهِ.
ثمَّ إذا وقَعَ عَليها ثلاثُ تَطليقاتٍ في ثلاثةِ أطهَارٍ فقَدْ مضَى مِنْ عِدَّتِها حَيضتانِ؛ لأنَّ العِدَّةَ بالحيضِ عِندَنا، وبَقيَتْ حَيضةٌ واحِدةٌ، فإذا حاضَتْ حَيضةً أُخرَى فقَدِ انقَضَتْ عِدَّتُها …
وإنْ كانَتْ مِنْ ذَواتِ الأشهُرِ طلَّقَها واحِدةً رَجعيَّةً، وإذا مضَى شَهرٌ طلَّقَها أُخرَى، ثمَّ إذا مضَى شَهرٌ طلَّقَها أُخرَى، فقَدْ وقَعَ عَليها ثَلاثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute