في الطُّهرِ يُكرَهُ لهُ أنْ يُطلِّقَها أُخرَى فيهِ، فكذا إذا طلَّقَها في الحيضِ ثمَّ طهُرَتْ (١).
الصُّورةُ الثَّانيةُ: أنْ يُطلِّقَها ثلاثَ طَلقاتٍ في ثَلاثِ حَيضاتٍ لَم يُجامِعْها فيها: بأنْ يُطلِّقَ زَوجَتَه المدخُولَ بها على إثْرِ كلِّ حَيضٍ تَطليقةً في طُهرٍ لا جماعَ فيهِ، ثمَّ إذا حاضَتْ وطَهُرَتْ طلَّقَها أُخرَى، ثمَّ إذا حاضَتْ وطَهُرَتْ طلَّقَها أُخرَى، فقَد وقَعَ عليها ثَلاثُ تَطلِيقاتٍ ومَضَى مِنْ عِدَّتها حيضتانِ، فإذا حاضَتْ أُخرَى انقَضَتْ عِدَّتُها.
اختَلفَ الفُقهاءُ في هذهِ الصُّورَةِ، هَلْ المُطلِّقُ على هذهِ الصُّورةِ يَكونُ مُطلِّقًا للسُّنةِ أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيَّةُ والشَّافعيةُ أنَّه يكونُ بذلكَ مُطلِّقًا للسُّنةِ.
قالَ الحنفيَّةُ: الرَّجلُ إذا طلَّقَ زوجَتَه المدخُولَ بها ثلاثَ طَلقاتٍ في ثلاثِ حَيضاتٍ -بأنْ يُطلِّقَها على إثْرِ كُلِّ حَيضٍ تَطليقةً في طُهرٍ لا جِماعَ فيهِ، ثمَّ إذا حاضَتْ وطَهُرَتْ طلَّقَها أُخرَى، ثمَّ إذا حاضَتْ وطهُرَتْ طلَّقَها أُخرَى، فقَد وقَعَ عليها ثلاثُ تَطليقاتٍ ومَضَى مِنْ عِدَّتها حيضتانِ، فإذا حاضَتْ أُخرَى انقَضَتْ عِدَّتُها- فذلكَ طَلاقٌ سُنِّيٌ.
والدَّليلُ عَلى أنَّهُ طلاقُ سُنَّةٍ قولُه تعالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أي: ثلاثًا في ثلاثةِ أطهارٍ، كَذا فسَّرَهُ رَسولُ اللهِ؛ فإنَّهُ رُويَ أنَّ عبْدَ اللهِ بنَ عُمرَ
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٨٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٥٢، ١٥٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute