للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنَّ لهُ الرَّجعةَ إذا كانَتْ مَدخُولًا بهَا قبْلَ أنْ تَنقَضيَ عدَّتُها، فإذا انقضَتْ فهوَ خاطِبٌ مِنَ الخُطَّابِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولا خِلافَ في أنَّهُ إذا طلَّقَها في طُهرٍ لَم يُصبْها فيهِ ثمَّ ترَكَها حتَّى تَنقضيَ عِدَّتُها أنَّه مُصيبٌ لِلسُّنةِ مُطلِّقٌ للعدَّةِ الَّتي أمَرَ اللهُ بها، قالَهُ ابنُ عَبدِ البَرِّ وابنُ المُنذِرِ، وقالَ ابنُ مَسعُودٍ: «طَلاقُ السُّنةِ أنْ يُطلِّقَها مِنْ غَيرِ جِماعٍ»، وقالَ في قَولِه تعالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] قالَ: «طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ»، ونَحوُه عَنِ ابنِ عبَّاسٍ.

وفي حَديثِ ابنِ عُمرَ الَّذي رَوَيناهُ: «لِيَترُكْها حتَّى تَطهُرَ ثمَّ تَحيضَ ثمَّ تَطهُرَ، ثمَّ إنْ شاءَ أمسَكَ وإنْ شاءَ طلَّقَ قبْلَ أنْ يمَسَّ، فتلكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللهُ أنْ يُطلَّقَ لهَا النِّساءُ»، فأمَّا قَولُه: «ثمَّ يَدَعها حتَّى تَنقَضيَ عِدَّتُها» فمَعناهُ أنَّه لا يُتبِعُها طلاقًا آخَرَ قبْلَ قَضاءِ عدَّتِها (٢).

ولأنَّ هَذا الطَّلاقَ أبعَدُ مِنَ النَّدامَةِ، حَيثُ أبقَى لنَفسهِ مُكْنةَ التَّداركِ بالمُراجَعةِ في العدَّةِ، وبتَجديدِ النِّكاحِ مِنْ غَيرِ تَحلُّلٍ بِزَوجٍ آخَرَ (٣).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : أَحسَنُ الطَّلاقِ في ذَواتِ القُرْءِ أنْ يُطلِّقَها طَلقَةً واحَدةً رَجعيَّةً في طُهرٍ لا جِماعَ فيهِ ولا طَلاقَ، ولا في حَيضَةٍ طَلاقٌ،


(١) «تفسير القرطبي» (٣/ ١٢٦).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٧٨).
(٣) «مختصر الوقاية» (١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>