للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ بطَلَ العِوضُ في الطَّلاقِ كانَ رَجعيًّا إذا لَم يَستَوفِ عَددَ الطَّلاقِ، فإنِ استَوفاها كانَ بائِنًا، وإنَّما كانَ رَجعيًّا؛ لأنَّ صَريحَ الطَّلاقِ إذا خَلا عَنْ العِوضِ ولم يُوصفْ بالبَينونةِ كانَ رَجعيًّا.

فالعِوضُ إذا كانَ غيرَ مُتقوَّمٍ كالخَمرِ والخِنزيرِ والمَيتةِ؛ فإمَّا أنْ يَكونَ مُوقِعًا بلَفظِ الخُلعِ أو الطَّلاقِ، ففي الخُلعِ يقَعُ بائِنًا، وفي الطَّلاقُ يقَعُ رَجعيًّا إنْ كانَتْ مَدخولًا بها وهي دونَ الثَّلاثِ؛ لأنَّ الإيقاعَ معلَّقٌ بالقَبولِ وقد وُجدَ، ولمَّا بطَلَ العِوضُ كانَ العامِلُ في الأوَّلِ لفْظَ الخُلعِ وهو كِنايةٌ، والواقِعُ بها بائِنٌ، وفي الثَّاني لفْظَ الطَّلاقِ وهو يَعقبُ الرَّجعةَ (١).

وقالَ المالكيَّةُ: الزَّوجُ إذا خالَعَ زَوجتَه بمَا لا يَصلحُ أنْ يكونَ عِوضًا كالخَمرِ والخِنزيرِ وقَعَ الطَّلاقُ بائِنًا ولم يَستحقَّ عليها عِوضًا؛ لأنَّ الطَّلاقَ معنًى يَصحُّ أنْ يُوقعَ بغيرِ بَدلٍ يَفوتُ بنَفسِ وُقوعِه ولا يُمكنُ الفَسخُ فيهِ، فإذا وقَعَ على ما لا يَصحُّ أنْ يكونَ بدَلًا لم يَستحقَّ به بدَلًا، أصلُه العِتقُ، ولأنَّه إزالةُ مِلكٍ إلى غيرِ مالِكٍ بما لا يَصحُّ المعاوَضةُ عليهِ فلَم يَستحقَّ بها عوضًا، أصلُه كما لو قالَ لعَبدِه: «إنْ جئتَنِي بزِقِّ خَمرٍ فأنتَ حُرٌّ» فجاءَهُ بهِ فإنه يُعتَقُ ولا يَستحقُّ عليهِ بَدلًا، ولأنَّ مَهرَ المِثلِ مِقدارٌ لم يَقعِ التَّراضي عليهِ في الخُلعِ فلم يَلزمْ بفسادِ العِوضِ فيهِ، أصلُه ما زادَ على مَهرِ المِثلِ،


(١) «الهداية» (٢/ ١٤)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٦٩)، و «العناية» (٥/ ٤٧٣)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٣، ١٩٤)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٤١٣)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٢٠، ٥٢٢)، و «اللباب» (٢/ ١١٧، ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>