للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ العِوضَ في الخُلعِ إذا كانَ باطِلًا -كما لو خالَعَها عَلى خَمرٍ أو خِنزيرٍ أو مَيتةٍ أو حُرٍّ- فلا يَستحقُّ الزَّوجُ شَيئًا؛ لأنَّ خُروجَ البُضعِ مِنْ مِلكِ الزَّوجِ غيرُ متقوَّمٍ، فإذا رَضيَ بغيرِ عِوضٍ لم يَكنْ لهُ شيءٌ، كما لو طلَّقَها أو علَّقَ طَلاقَها على فِعلِ شيءٍ ففعلَتْه، وفارَقَ النِّكاحَ؛ فإنَّ دُخولَ البُضعِ في مِلكِ الزَّوج متقوَّمٌ.

إلَّا أنَّهم اختَلفُوا هل يَقعُ رَجعيًّا أم بائِنًا أم يَختلفُ بحَسبِ النِّيةِ؟

فقالَ الحنفيَّةُ: العِوضُ في الخُلعِ إذا بطَلَ -مِثلَ أنْ تخالِعَ زوْجَها على خَمرٍ أو خِنزيرٍ أو مَيتةٍ- فلا شيءَ للزَّوجِ؛ لبُطلانِ العِوضِ المُسمَّى، والفُرقةُ بائِنةٌ، وإنَّما لم يَجبْ شيءٌ عليها للزَّوجِ؛ لأنها ما سمَّتْ مالًا مُتقوَّمًا لتَصيرَ غارَّةً لهُ، ولأنه لا وجهَ لإلزامِ المُسمَّى؛ لامتِناعِ المُسلِمِ عن تَسليمِه وتسلُّمِه، ولا إلزامَ غيرِه؛ لعَدمِ الالتزامِ بهِ، بخلافِ ما إذا خالَعَ على خَلٍّ بعَينِه فظهَرَ خَمرًا فإنه يَلزمُه عليها ردُّ المَهرِ الَّذي أخَذَتْه عندَ أبي حَنيفةَ.

وعِندَهما كَيلٌ مِثلُ ذلكَ مِنْ خَلًّ وسَطٍ، وهذا والصَّداقُ سَواءٌ؛ لأنها سمَّتْ مالًا وغرَّتْه بذلكَ فكانَتْ ضامِنةً؛ لأنَّ التَّغريرَ في ضِمنِ العقدِ يُوجِبُ الضَّمانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>