للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ إليها ففَرَّتْ بنَفسِها، (قالَ): قالَ مالِكٌ: كلُّ طَلاقٍ وقَعَ في المرَضِ فالميراثُ للمَرأةِ إذا ماتَ مِنْ ذلكَ المرَضِ وبسَببِه كانَ ذلك لها (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: إنْ خالَعَ الزَّوجُ في مَرضِ مَوتِه بمَهرِ المِثلِ أو أكثَرَ .. صحَّ، كما لوِ اتَّهبَ في مرَضِ مَوتِه، وإنْ خالَعَ بأقلَّ مِنْ مَهرِ المِثلِ .. صحَّ، ولا اعتِراضَ للورَثةِ عليهِ؛ لأنَّه لا حقَّ لهُم في بُضعِ امرَأتِه، ولهذا لو طلَّقَها بغَيرِ عِوضٍ .. لم يَكنْ لهُم الاعتِراضُ عليهِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: لو خالَعَ زوْجتَه في مَرضِ مَوتِه فلا إشكالَ في صحَّتِه، سَواءٌ كانَ بمَهرِ مثلِها أو أكثَرَ أو أقَلَّ، ولا يُعتبَرُ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنَّه لو طلَّق بغيرِ عِوضٍ لَصحَّ، فلَأنْ يصحَّ بعِوضٍ أَولَى، ولأنَّ الورَثةَ لا يَفوتُهم بخُلعهِ شيءٍ، فإنَّه لو ماتَ وله امرَأةُ لَبانَتْ بمَوتِه ولَم تَنتقلْ إلى وَرثتِه.

إلَّا أنَّه لو طلَّقَها في مَرضِ مَوتِه أو خالَعَها ثمَّ أَوصَى لها بأكثرَ ممَّا كانَتْ تَرثُ فللورَثةِ أنْ لا يُعطوها أكثرَ مِنْ ميراثِها؛ لأنَّه إذا أوصَى لها بأكثرَ مِنْ ميراثِها فهوَ متَّهَمٌ؛ لأنَّه يُريدُ أنْ تَبقَى أجنبيَّةً ليَتوصَّلَ إلى إعطائِها أكثَرَ مِنْ ميراثِها كالوَصيةِ لوارثٍ، ولو وَصَّى لها بميراثِها فأقَلَّ صَحَّ؛ لأنَّه لا تُهمةَ فيهِ؛ لأنَّه لو لَم يُبِنْها لَأخذَتْه بميراثِها (٣).


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٥١، ٣٥٢).
(٢) «البيان» (١٠/ ٤٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٥١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٣٣).
(٣) «المغني» (٧/ ٢٧٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٥٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>