وقالَ المالكيَّةُ: المَريضُ مرَضًا مَخُوفًا ومَن في حُكمِه مِنْ المَحجورِ عليهِم كحاضِرِ صَفِّ القِتالِ والمَحبوسِ لقَتلٍ أو قَطعٍ لا يَجوزُ لهُ أنْ يُخالِعَ زَوجتِه ابتِداءً؛ لأنَّ فيهِ إخراجَ وارثٍ، فإنْ فعَلَ فإنه يَنفذُ ويقَعُ عليهِ الطَّلاقُ …
وإذا طلَّقَ في مرَضِه المَخُوفِ ثمَّ ماتَتْ فيهِ فإنَّ الرَّجلَ لا يرِثُها ولو طلَّقَها مَريضةً؛ لأنَّه الَّذي أسقَطَ ما كانَ بيَدِه، ولو ماتَ الرَّجلُ فإنَّ المرأةَ تَرثُه؛ لأنَّه فارٌّ بطلاقِها حِينئذٍ مِنْ الإرثِ، كانَتْ مَدخولًا بها أم لا، انقضَتْ عِدَّتها وتزوَّجَتْ أم لا، وأمَّا غيرُ الميراثِ مِنْ الأحكامِ فحُكمُها فيهِ كغيرِها، مِنْ عدَّةٍ في المدخولِ بها، وعَدمِها في غيرِها، ويَتنصَّفُ الصَّداقُ عليهِ.
ولا تَصحُّ الوصيَّةُ لها، وإنْ قتلَتْه خَطأً ورثَتْ مِنْ المالِ دُونَ الديَّةِ، وإنْ قتلَتْه عَمدًا عُدوانًا لا تَرثُ مِنْ مالٍ ولا ديَّةٍ (١).
جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى» في خُلعِ المَريضِ:
(قلتُ): أَرأَيتَ إنِ اختلَعَتْ منهُ في مَرضِه فماتَ مِنْ مرَضِه ذلكَ، أترِثُه أم لا في قولِ مالِكٍ؟ (قالَ): قالَ مالِكٌ: نعَمْ تَرثُه، (قلتُ): وكذلكَ إنْ جعَلَ أمْرَها بيَدِها أو خيَّرَها فطلَّقَتْ نفْسَها وهو مريضٌ أتَرثُه في قَولِ مالِكٍ؟ (قالَ): قالَ مالِكٌ: نعَمْ تَرثُه، (قلتُ): ولمَ وهو لَم يفرَّ مِنها؟! إنَّما جعَلَ
(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٥١، ٣٥٢)، و «الكافي» (١/ ٢٧٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٤)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٤٣)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٢٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١١٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٢٦٢).