بلَغَ الحُلمَ وهو سَفيهٍ، أو زوَّجَ الوَصيُّ اليَتيمَ وهو بالغٌ سفيهٌ بأمرِه؟
(قالَ): إنْ كانَ بالِغًا كانَ عَبدًا أو يَتيمًا أو ابنًا يأبَى الطَّلاقَ ويَكرهُه ويَكونُ ممَّن لو طلَّقَ ووليُّه أو سيِّدُه أو أبوه كارِهٌ يَمضي طلاقُه ويَلزمُه فِعلُه فيهِ لَم يكُنْ للسَّيدِ في العَبدِ ولا للأبِ في الابنِ ولا للوصيِّ في اليَتيمِ أنْ يُخالعَ عنهُ؛ لأنَّ الخُلعَ لا يكونُ إلَّا بطلاقٍ، وهو ليسَ إليهِ الطَّلاقُ.
(ابنُ وَهبٍ): وقَد قالَ مالِكٌ في الرَّجلِ يُزوِّجُ يَتيمَهُ وهوَ في حِجرِه فإنَّهُ يَجوزُ لهُ أنْ يُبارِئَ عليهِ ما لَم يَبلغِ الحلُمَ إنْ رَأى ذلكَ خيرًا؛ لأنَّ الوَصيَّ يَنظرُ ليَتيمِه ويَجوزُ أمرُه عَليهِ، وإنَّما ذلكَ ضَيعةٌ لليَتيمِ ونظَرٌ لهُ، (قالَ سُحنونٌ): ألَا تَرى أنَّ مالِكًا قال: لمَّا صارَ الطَّلاقُ بيَدِ اليَتيمِ لم يُجزْ صُلحَه عنه، كما أنَّ الطَّلاقَ بيَدِ العَبدِ ليسَ بيَدِ السَّيدِ وإنْ كانَ قد كانَ جائزًا للسَّيدِ أنْ يُزوِّجَه بلا مُؤامرةٍ مُبارأةٍ، فكلُّ مَنْ ليسَ بيَدِه طلاقٌ فنَظرُ وليُّه له نَظرٌ، ويجُوزُ فعلُه عليهِ؛ لِمَا يرَى لهُ مِنْ الغِبطةِ في المالِ.
(قلتُ): فعَبدُه الصَّغيرُ هل يُزوِّجُه؟ (قالَ): ليسَ لهُ إذنٌ ولهُ أنْ يُزوِّجَه، فإذا زوَّجَه لم يَكنْ لهُ أنْ يُطلِّقَ عليهِ إلَّا بشيءٍ يأخذُه، ألَا تَرَى أنَّ مالِكًا قالَ: لا يَجوزُ للأبِ أنْ يُطلِّقَ على ابنِه الصَّغيرِ، وإنَّما يَجوزُ له أنْ يُصالِحَ عنهُ، ويكونُ تَطليقةً بائِنةً، وإنَّما لم يَجُزْ طَلاقُه لأنه ليسَ بموضِعِ نظَرٍ لهُ في أخذِ شيءٍ، وقَد يُزوِّجُ الابنَ بالتَّفويضِ فلا يكونُ عليهِ شيءٌ، وإنَّما يَدخلُ الطَّلاقُ بالمَعنى الَّذي دخَلَ منهُ النِّكاحُ للغِبطةِ فيما يَصيرُ إليهِ ويَصيرُ له (١).
(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٤٨، ٣٥٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٣)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٢٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١١٢، ١١٣)، و «الشرح الكبير» (٨/ ١٧٨)، و «المبدع» (٧/ ٢٢٢)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٨٥، ٣٨٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٣٧)، و «منار السبيل» (٣/ ٧٠).