للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالكيَّةُ والحنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ خُلعُ وَليُّ الصَّغيرِ؛ لأنَّه إخرَاجُ مِلكٍ عنهُ بالعِوضِ فجازَ إذا كانَ فيهِ الحَظُّ كالبيعِ، ولأنَّه لمَّا مَلَكَ إنكاحَه ابتِداءً مَلَكَ إزالةَ النكاحِ عنهُ بعِوضٍ كالبيعِ، ولأنَّ المَصلحةَ قد تَكونُ له في ذلكَ والأبُ غَيرُ مُتَّهَمٍ عليهِ.

جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: خلعُ الأبِ على ابنِه وابنتِه: (قلتُ): ما حُجَّةُ مالكٍ حينَ قالَ: يجوزُ خُلعُ الأبِ والوَصيِّ على الصَّبيِّ ويكونُ ذلكَ تَطليقةً؟ (قالَ): جوَّزَ مالِكٌ ذلكَ مِنْ وَجهِ النَّظرِ للصَّبيِّ، ألَا ترَى أنَّ إنكاحَهُما إيَّاهُ عليهِ جائزٌ؟ فكذلكَ خُلعُهما عليهِ - (قالَ سُحنونُ): قالَ عبدُ الرَّحمنِ وغيرُه عَنْ مالكٍ وبَعضُهم يزيدُ عَلى بعضٍ في اللَّفظُ والمَعنَى واحِدٌ: وأنَّه ممَّن لَو طلَّقَ لم يَجُزْ طلاقُه، فلمَّا لَم يَجُزْ طَلاقُه كانَ النَّظرُ في ذلكَ بيَدِ غَيرِه، وإنَّما أُدخلَ جوازُ طَلاقِ الأبِ والوَصيِّ بالخُلعِ عَلى الصَّبيِّ حتَّى صارَا عَليهِ مُطلِّقينِ، وهوَ لا يقَعُ عَلى الصَّبيِّ أنَّه يَكون ممَّن يَكرهُ لشَيءٍ ولا يَحبُ لهُ ما رَأى لهُ الأبُ أو الوَصيُّ مِنْ الحظِّ في أخْذِ المالِ لهُ، كما يَعقدانِ عليهِ وهو ممَّن لم يَرغَبْ ولَم يُكرَه؛ لِمَا يَريانِ له فيهِ مِنْ الحظِّ مِنْ النِّكاحِ في المالِ مِنْ المرأةِ المُوسِرةِ والَّذي له في نِكاحِها مِنْ الرَّغبةِ، فيُنكِحانِه وهو كارِهٌ لِمَا دخَلَ ذلك مِنْ سَببِ المالِ، فكذلكَ يُطلِّقانِ عليهِ بالمالِ وسَببِه.

(قلتُ): فإنْ كَبِرَ اليَتيمُ واحتَلمَ وهو سفيهٌ، أو كانَ عبدًا بالِغًا زوَّجَه سيِّدُه بغيرِ أمرِه وذلكَ جائِزٌ عليهِ، أو بلَغَ الابنُ المُزوَّجُ وهو صَغيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>