للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا خِلافُ السُّنةِ الثَّابتةِ في أمرِ رَسولِ اللهِ ثابِتَ بنَ قَيسِ بنِ شَمَّاسٍ أنْ يأخُذَ مِنْ زوْجتِه ما أعطاهَا ويُخلِّيَ سَبيلَها.

ولا يَنبَغي لعالِمٍ أن يَجعلَ شَيئًا مِنَ القُرآنِ مَنسوخًا إلَّا بتَدافعٍ يَمنعُ مِنْ استِعمالِه وتَخصيصِه، وإذا جَهلَ قَولَه ﷿: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] أنْ يَرضَى منهَما وجعَلَ قَولَه ﷿: ﴿فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ [النساء: ٢٠] على أنَّه بغيرِ رِضاها وعلى كُرهٍ مِنها وإضرارٍ بها صحَّ استِعمالُ الآيتَينِ.

وقَد بيَّنَتِ السُّنةُ في ذلكَ قِصةَ ثابِتِ بنِ قَيسٍ وامرأتِه، وعليهِ جَماعةُ العُلماءِ، إلَّا مَنْ شَذَّ عنهُم ممَّن هوَ مَحجوجٌ بهِم وهُم حُجَّةٌ عليهِ؛ لأنهُم لا يَجوزُ عليهمُ الإطباقُ والاجتِماعُ على تَحريفِ الكِتابِ وجَهلِ تأويلِه، ويَنفردُ بغيرِ ذلكَ واحدٌ غَيرُهم (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وبهذا قالَ جَميعُ الفُقهاءِ بالحِجازِ والشَّامِ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: ولا نَعلمُ أحَدًا خالَفَه إلَّا بكرَ بنَ عَبدِ اللهِ المُزَنِيِّ؛ فإنَّه لم يُجِزْه وزعَمَ أنَّ آيةَ الخُلعِ مَنسوخةٌ بقَولِه سُبحانَه: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] الآيَة، ورُويَ عَنِ ابنِ سِيرينَ وأبي قلابَةَ أنَّه لا يَحِلُّ الخُلعُ حتَّى يَجدَ على بَطنِها رَجلًا؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ


(١) «الاستذكار» (٦/ ٧٦، ٧٧)، ويُنظر: «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٢٧٧، ١٢٧٨)، رقم (٢٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>