الماضي فإنْ يكُنْ ما طلَعَا عليهِ في الماضي يُخافُ منهُ التَّمادِي في المُستقبَلِ فرَّقَا بينَهُما (١).
وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: واختَلفُوا في الفُرقةِ بينَهُما هل تَحتاجُ إلى تَوكيلٍ مِنْ الزَّوجِ أم لا؟
فقالَ مالِكٌ وأصحابُه: يجوزُ قولُهُما في الفُرقةِ والاجتِماعِ بغيرِ تَوكيلٍ مِنْ الزَّوجينِ ولا إذنٍ منهُما في ذلكَ، وهو قولُ الشَّعبيِّ وأبي سلَمةَ ابنِ عبدِ الرَّحمنِ وإبراهيمَ النَّخعيِّ وسَعيدِ بنِ جُبيرٍ، وبهِ قالَ إسحاقُ.
ورُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قالَ في الحكَمينِ: «إنِ اجتَمعَ أمرُهُما على أنْ يُفرِّقَا أو يَجمَعَا جازَ».
وقالَ أبو حَنيفةَ والشَّافعيُّ وأصحابُهُما: ليسَ لهُما أنْ يُفرِّقَا، إلَّا أنْ يَجعلَ الزَّوجُ إلَيهما التَّفريقَ، وهو قولُ عَطاءٍ والحسَنِ.
قالَ ابنُ جُريجٍ: سَمعتُ عطاءً يُسألُ: أيُفرِّقُ الحكَمانِ؟ قالَ: لا، إلَّا أنْ يَجعلَ ذلكَ في أيديهِما الزَّوجانِ.
وقالَ الحسَنُ: يَحكمانِ في الاجتِماعِ، ولا يَحكمانِ في الفُرقةِ، وبهِ قالَ أبو ثَورٍ وأحمَدُ وداودُ.
وكِلا الطَّائفتَينِ تَحتجُّ بقولِ عليٍّ ﵁، ذكَرَه عبدُ الرَّزاقِ قالَ: أخبَرَني مَعمرٌ عن أيُّوبَ عن ابنِ سِيرينَ عن عَبيدةَ السَّلمانِيِّ قالَ: «شَهدْتُ
(١) «أحكام القرآن» (١/ ٥٣٩، ٥٤٠)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ١٧٦، ١٧٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute