للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ سُبحانَه كلَّ واحِدٍ منهُما فلا ينبَغِي لشاذٍّ فكيفَ لِعالِمٍ أنْ يُركِّبَ مَعنَى أحَدِهما على الآخَرِ، فذلكَ تَلبيسٌ وإفسادٌ للأحكامِ، وإنَّما يَسيرانِ بإذنِ اللهِ ويُخلِصانِ النِّيةَ لوَجهِ اللهِ ويَنظُرانِ فيما عندَ الزَّوجَينِ بالتَّثبُّتِ، فإنْ رأَيَا للجَمعٍ وجْهًا جمَعَا، وإنْ وَجداهُما قد أنابَا ترَكاهُما، كما رُويَ «أنَّ عَقيلَ بنَ أبي طالِبٍ تزوَّجَ فاطمةَ بنتَ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ فقالَتْ: اصبِرْ لي وأُنفِقُ عليكَ، وكانَ إذا دخَلَ عليها قالَتْ: يا بَنِي هاشِمٍ لا يُحبُّكم قلبِي أبَدًا، أينَ الَّذين أعناقُهُم كأبارِيقِ الفضَّةِ؟ تَرِدُ أنوفُهُم قبْلَ شِفاهِهم، أينَ عُتبةُ بنُ رَبيعةَ؟ أينَ شيبةُ بنُ رَبيعةَ؟ فيَسكتُ، حتَّى دخَلَ عليها يَومًا وهو بَرِمٌ فقالَتْ له: أينَ عُتبةُ بنُ رَبيعةَ؟ فقالَ: على يَسارِكِ في النَّارِ إذا دخَلْتِ، فنشَرَتْ عليها ثيابَها فجاءَتْ عُثمانَ فذكَرَتْ له ذلكَ، فأرسَلَ ابنَ عبَّاسٍ ومُعاوِيةَ فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: لَأفرِقَنَّ بينَهُما، وقالَ مُعاويةُ: ما كُنْتُ لِأُفرِّقَ بينَ شَيخَينِ مِنْ بَنِي عبدِ مَنافٍ، فأتَياهُما فوَجداهُما قد سَدَّا عَليهما أبوابَهُما وأصلَحَا أمْرَهُما».

وفي رِوايةٍ: «أنهُما لمَّا أتَيَا اشتَمَّا رائِحةً طيِّبةً وهُدُوًّا مِنْ الصَّوتِ، فقالَ لهُ مُعاوِيةُ: ارجِعْ، فإنِّي أرجُو أنْ يكونَا قدِ اصطَلحَا وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: أفلَا نَمضيِ فنَنظُرَ أمْرَهُما؟ فقالَ مُعاويةُ: فنَفعلُ ماذَا؟ فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: أُقسِمُ باللهِ لَئِنْ دَخلْتُ عليهِما فرَأيتُ الَّذي أخافُ عَليهما منهُ لَأحكُمَنَّ عليهِما ثمَّ لَأفرِقَنَّ بينَهُما».

فإنْ وَجداهُما قدِ اختَلفَا سعَيَا في الأُلفةِ وذكَّرَاهما باللهِ تَعالى وبالصُّحبةِ، فإنْ أنابَا وخافَا أنْ يَتمادَى ذلكَ في المُستقبَلِ بما ظهَرَ في

<<  <  ج: ص:  >  >>