للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحنفيَّةُ: للزَّوجِ وِلايةُ تَأديبِ زوْجتِه إذا كانَتْ ناشِزةً إذا لم تُطِعْه فيما يَلزمُ طاعتُه، لكنْ على التَّرتيبِ، فيَعظُها أوَّلًا على الرِّفقِ واللِّينِ، فإنْ نجَعَتْ فيها المَوعظةُ ورجَعَتْ إلى الفِراشِ وإلَّا هجَرَها، فإذا هجَرَها فإنْ تركَتِ النُّشوزَ وإلَّا ضرَبَها عندَ ذلكَ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ ولا شائِنٍ، والأصلُ فيهِ قولُهُ ﷿: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤].

فظاهِرُ الآيةِ وإنْ كانَ بحَرفِ الواوِ المَوضوعةِ للجَمعِ المُطلَقِ لكنَّ المُرادَ منهُ الجَمعُ على سبيلِ التَّرتيبِ، والواوُ تَحتملُ ذلكَ، فإنْ نفَعَ الضَّربُ وإلَّا رفَعَ الأمرَ إلى القاضي ليُوجِّهَ إليهما حكَمَينِ حكَمًا مِنْ أهلِه وحكَمًا مِنْ أهلِها كما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥].

وسبيلُ هذا سبيلُ الأمرِ بالمَعروفُ والنَّهيِ عن المُنكَرِ في حقِّ سائِرِ النَّاسِ، أنَّ الآمِرَ يَبدأُ بالمَوعظةِ على الرِّفقِ واللِّينِ دونَ التَّغليظِ في القَولِ، فإنْ قَبلَتْ وإلَّا غلَّظَ القولَ بهِ، فإنْ قَبلَتْ وإلَّا بسَطَ يدَه فيهِ.

وكذلكَ إذا ارتكَبَتْ مَحظورًا سِوى النُّشوزِ ليسَ فيهِ حدٌّ مقدَّرٌ فللزَّوجِ أنْ يُؤدِّبَها تَعزيرًا لها؛ لأنَّ للزَّوجِ أنْ يُعزِّرَ زوْجتَه كما للمَولَى أنْ يُعزِّرَ مَملوكَه (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>