يَعتقِدانِ تَحريمَه، وإنْ كانَتْ ذمِّيةً لم يكنْ له مَنعُها منهُ، نَصَّ عليهِ أحمَدُ؛ لأنها تَعتقدُ إباحتَهُ في دِينِها، وله إجبارُها على غَسلِ فَمِها منهُ ومِن سائرِ النَّجاساتِ ليَتمكَّنَ مِنْ الاستِمتاعِ بفِيها، ويَتخرَّجُ أنْ يَملكَ منْعَها منهُ؛ لِمَا فيهِ مِنْ الرَّائحةِ الكَريهةِ وهو كالثُّومِ.
وهكذا الحُكمُ لو تزوَّجَ مُسلمةً تَعتقدُ إباحةَ يَسيرِ النَّبيذِ، هل له مَنعُها منهُ؟ على وجهَينِ، ومَذهبُ الشَّافعيِّ على نَحوٍ مِنْ هذا الفَصلِ كلِّه (١).
ولهُ مَنعُها مِنْ السُّكرِ؛ لأنَّه يَتأذَّى بهِ، وهل له مَنعُها مِنْ شُربِ ما لا يُسكِرُها؟ خرَّجَه القاضي على الرِّوايتَينِ فيما يَمنعُ كَمالَ الاستِمتاعِ دُونَ أصلِه.
والمَنصوصُ عليهِ في روايةِ مُهنَّا أنَّه لا يَمنعُها؛ فإنهُ قالَ في رَجلٍ تزوَّجَ نَصرانيةً ألهُ أنْ يَمنعَها مِنْ شُربِ الخَمرِ؟ قالَ: يأمُرُها، قيلَ لهُ: لا تَقبلُ منهُ، ألهُ أنْ يَمنعَها؟ قالَ: لا.
وظاهِرُ هذا أنَّه لم يَجعلْ له منْعَها، فإنْ شَربَتْ كانَ له إجبارُها على غَسلِ فَمِها مِنْ الخَمرِ؛ لأنَّه نَجسٌ يَتعذَّرُ مع ذلكَ تَقبيلُها والاستِمتاعُ بها فيهِ.
فإنْ قيلَ: فلو أرادَتِ المُسلمةُ أنْ تَشربَ مِنْ النَّبيذِ المُختلَفِ فيه ما لا يُسكِرُها، هل له مَنعُها؟