للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يَمنعْ كعَملِ الصِّناعةِ؟ أو لا تَفعلُ إلَّا بإذنٍ كالصِّيامِ؟ (١).

وقالَ أيضًا فيمَنْ حَبَسَتْه امرأتُه لحَقِّها: إنْ خافَ خُروجَها بلا إذنِه أسْكَنَها حيثُ لا يُمكِنُها الخُروجُ، فإنْ لم يكنْ لهُ مَنْ يَحفظُها غَيرُ نَفسِه حُبِسَتْ معهُ، فإنْ عجَزَ أو خِيفَ حُدوثُ شرٍّ أُسكِنَتْ في رِباطٍ ونَحوِه، ومتى كانَ خُروجُها مَظِنَّةً للفاحِشةِ صارَ حقًّا للهِ، يَجبُ على وليِّ الأمرِ رِعايتُه (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ على تَفصيلٍ عِندَهم إلى أنهُ لا يَحقُّ للزَّوجِ أنْ يَمنعَ زوْجتَه مِنْ زِيارةِ أبَوَيها أوعِيادتِهما أو حُضورِ جَنازتِهما أو زِيارتِهما لها.

قالُوا: للأبَوَينِ وذَوي الأرحامِ النَّظَرُ والكَلامُ معَ زوْجتِهِ في أيِّ وقتٍ اختارَ أهلُها ذلكَ، فلهُم ذلكَ؛ لِمَا في عَدمِه مِنْ قَطيعةِ الرَّحمِ، وليسَ له في ذلكَ ضَررٌ.

لكنْ هل له أنْ يَمنعَ أهلَها مِنْ الدُّخولِ بَيتَه؟ فيهِ ثلاثةُ أقوالٍ:

أحَدُها: أنْ له أنْ يَمنعَ أهلَها مِنَ الدُّخولِ في بَيتِه ولو والِدةً أو ولَدًا؛ لأنَّ المَنزِلَ مِلكُه ولهُ حقُّ المَنعِ مِنْ الدُّخولِ في مِلكِه، وأمَّا القِيامُ على بابِ الدَّارِ فليسَ لهُ مَنعُهم منهُ كالكَلامِ، كما في «الخانيَّة» واختارَهُ القُدوريُّ.

والثَّاني: لا يَمنعُهم مِنْ الدُّخولِ، وإنِّما يَمنعُهم مِنْ القَرارِ؛ لأنَّ الفِتنةَ في المُكْثِ وطُولِ الكَلامِ.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٦٢).
(٢) «الإنصاف» (٨/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>