ﷺ لعَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ ﵁: «وإنَّ لزَوجِكَ عليكَ حقًّا» (١)، ولأنهُ حقُّ يَجبُ بالاتِّفاقِ إذا حلَفَ على تَركِه (الإيلاء) فيَجبُ قبْلَ أنْ يَحلفَ كسائِرِ الحُقوقِ الواجِبةِ، يُحقِّقُ هذا أنهُ لو لم يَكنْ واجِبًا لم يَصرْ باليَمينِ على تَركِه واجِبًا كسائِرِ ما لا يَجبُ، ولأنَّ النِّكاحَ شُرعَ لمَصلحةِ الزَّوجَينِ ودَفعِ الضَّررِ عنهُما، وهوَ مُفْضٍ إلى رَفعِ ضَررِ الشَّهوةِ عنِ المرأةِ كإفضائِه إلى رَفعِ ذلكَ عنِ الرَّجلِ، فيَجبُ تَعليلُه بذلكَ، ويكونُ الوطءُ حقًّا لهُما جَميعًا، ولأنهُ لو لم يكنْ لها فيهِ حقٌّ لَمَا وجَبَ استِئذانُها في العَزلِ كالأمَةَ.
ويَجبُ مرَّةً كلَّ أربَعةِ أشهرٍ إنْ لم يَكنْ له عُذرٌ وقَدرَ وطَلبَتْه؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قَدَّرَ ذلكَ بأربَعةِ أشهرٍ في حَقِّ المُؤلي، فكذلكَ في حقِّ غَيرِه؛ لأنَّ اليَمينَ لا تُوجِبُ ما حَلفَ عليه، فدلَّ أنَّ الوَطءَ واجبٌ بدُونِها.
فإنْ أبَى وأصَرَّ على تَركِ الوَطءِ كلَّ أربعةِ أشهرٍ ولم يَكنْ لهُما عُذرٌ وطَلبَتِ الفُرقةَ فَرَّقَ الحاكِمُ بينَهُما، نَصَّ عليهِ في رِوايةِ ابنِ مَنصورٍ في
رَجلٍ تَزوَّجَ امرأةً ولمْ يَدخُلْ بها يقولُ: «غدًا أدخُلُ بها غدًا أدخلُ بها» إلى شَهرٍ، هلْ يُجبَرُ على الدُّخولِ؟ قالَ: أذهَبُ إلى أربَعةِ أشهرٍ إنْ دخَلَ بها وإلَّا فُرِّقَ بينَهما، فجعَلَه كالمُؤلي، ولا يَصحُّ الفَسخُ هُنا إلَّا بحُكمِ حاكِمٍ؛ لأنه مُختلَفٌ فيهِ.
(١) رواه البخاري (٤٩٠٣)، ومسلم (١١٥٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute