للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو حَنيفةَ: إذا وجدَ اللِّعِب فلا بأسَ أنْ يَقعدَ فيَأكلَ.

وقالَ مُحمدُ بنُ الحسَنِ: إنْ كانَ ممَّن يُقتدَى به فأحَبُّ إليَّ أنْ يَخرجَ، وقالَ اللَّيثُ إذا كانَ فيها الضَّربُ بالعُودِ فلا يَنبغِي له أنْ يَشهدَها.

والأصلُ في هذا ما روَى سَفينةُ: أنَّ رَجلًا أضافَه عليٌّ فصنَعَ لهُ طَعامًا، فقالَتْ فاطِمةُ: لو دَعَونا رسولَ اللهِ فأكَلَ معَنَا، فدَعَوه فَجاءَ فوضَعَ يَدَه على عِضادتَي البابِ فرَأى قِرامًا في ناحيةِ البيتِ فرجَعَ، فقالَتْ فاطمةُ لعليٍّ: الحَقْهُ فقُلْ له: ما أرجَعَكَ يا رَسولِ اللهِ؟ فقالَ: «إنه ليسَ لي أنْ أدخُلَ بَيتًا مُزوَّقًا» حَديثٌ حسَنٌ.

ورَوى أبو حَفصٍ بإسنادهِ أنَّ النبيَّ قالَ: «مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَقعدْ على مائدةٍ يُدارُ عليها الخمرُ» (١).

وعن نافعٍ قالَ: «كنتُ أسيرُ مع عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ فسَمعَ زمَّارةَ راعٍ فوضَعَ أُصبعَيهِ في أُذنَيه ثم عدَلَ عن الطريقِ، فلمْ يَزَلْ يقولُ: يا نافعُ أتَسمَعُ؟ حتَّى قلتُ: لا، فأخرَجَ أُصبعَيه مِنْ أُذنَيه ثمَّ رجَعَ إلى الطريقِ ثمَّ قالَ: هكذا رَأيتُ رسولَ اللهِ صنَعَ» (٢) رواهُ أبو داودَ والخلَّالُ.

ولأنه يُشاهِدُ المنكَرَ ويَسمعُه مِنْ غيرِ حاجةٍ إلى ذلكَ، فمُنعَ منه كما لو قدَرَ على إزالتِه.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه الدارمي (٢٠٩٢)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧١٤)، والحاكم في «المستدرك» (٧٧٧٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٩٢٤)، وأحمد (٤٥٣٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>