إحداها: أنَّ القولَ قَولُها جُملةً مِنْ غَيرِ تَفصيلٍ. والأُخرى: أنهُ إنْ كانَ ذلكَ في مَنزلِها فالقولُ قولُه معَ يَمينِه ما لم يَكنْ دُخولَ بناءٍ، وإنْ كانَ في مَنزلهِ فالقَولُ قَولُها معَ يَمينِها. والثَّالثةُ: أنها إنْ كانَتْ ثيِّبًا فالقَولُ قَولُها مع يَمينِها، وإن كانَتْ بِكرًا نَظَرَ إليها النِّساءُ، فإنْ رَأَيْنَ أثرَ افتِضاضٍ صُدِّقَتْ عليهِ، وإنْ لم يَرَيْنَ لم يكنْ لها إلَّا نِصفُ الصَّداقِ. فوَجهُ الأُولى: أنها قد فَعلَتْ ما يَلزمُها مِنْ التَّسليمِ والتَّمكينِ مِنْ الاستِمتاعِ، فليسَتْ بمَنسوبةٍ إلى تَفريطٍ بتَركِ التَّوثُّقِ بالإشهادِ إذْ لا يُمكِنُها ذلكَ، فلو لم تُصدَّقْ عليهِ لأدَّى إلى أنْ لا يَثبتَ على أحدٍ صَداقٍ بوطءٍ إلَّا باعتِرافِه، وفي ذلكَ إضاعةُ المُهورِ وأعواضِ الاستِمتاعِ. ووَجهُ الثَّانيةِ: أنَّ النِّزاعَ في التَّداعِي يُرجَعُ فيهِ إلى مَنْ يَشهدُ لهُ العُرفُ مِنَ المُتداعِينَ، فالعُرفُ جارٍ بأنَّ الرَّجلَ يَنقبضُ في غَيرِ بَيتِه إذا كانَ زائِرًا غيرَ مُطمَئنٍ ولا يَنبسطُ، وأنه يَستحِي مِنْ اطِّلاعِ أهلِها ومَن هوَ في دارِها، فكانَ القولُ قولَه في أنه لم يَطأْ بشهادةِ العُرفِ لهُ، وبخلافِ هذا إذا بنَى بها؛ لأنهُ إذا تَوطَّنَ واطْمأنَّ في بَيتهِ أو بَيتِ أهلِها انبَسطَ وزالَ الاستِيحاشُ والانقِباضُ عنه، فكانَ القَولُ قولَها أنه وَطِئَها، فكذلكَ إذا خلَا بها في بَيتهِ فالقُولُ قَولُها؛ لأنَّ العُرفَ يَصيرُ معها؛ لأنَّ الإنسانَ يَنبسطُ في بَيتهِ ولا يَنقبضُ، والعادةُ إقدامُه على الوَطءِ، ولأنهُ لا يَتوقَّفُ عنهُ، فصُدِّقَتْ عليهِ. ووجهُ الثَّالثةِ: أنهُ إذا وُجِدَ سَبيلٌ إلى اليَقينِ كانَ أَولَى مِنْ الظَّنِّ والعَملِ على ظاهرٍ لا يُعرَفُ صِدقُه، وذلكَ مُمكِنٌ في البِكرِ على ما ذكَرْناه مِنِ اختِبارِها بنَظرِ النِّساءِ إليها، وجازَ ذلك للضَّرورةِ كالعُيوبِ، ولَمَّا لم يُمكِنْ في الثِّيبِ رُجِعَ إلى قولِها، وكلُّ مَنْ حُكِمَ بقَولِه فلا بدَّ مِنْ يَمينِه.