للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استِدلالًا بأنه عُرفُ الحُكَّامِ بالمَدينةِ، وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ الخَلوةَ إنْ أَوجبَتْ كَمالَ المَهرِ استَوى حُكمُ طَويلِها وقَصيرِها، وأنْ تكونَ في بَيتِهِ أو بَيتِها كالإصابةِ، وإنْ لم تُوجِبْ كَمالَ المَهرِ كانَتْ في جَميعِ أحوالِها كذلكَ، وقد تكونُ الإصابةُ في قَليلِ الخَلوةِ ولا تكونُ في كَبيرِها، وقَد تكونُ الإصابةُ في خَلوةِ بَيتِها ولا تكونُ في خَلوةِ بَيتِه، فلَم يكنْ لهذا التَّفصِيلِ مَعنًى يُوجِبُه، ولا تَعليلٌ يَقتضِيه، ولا أصلٌ يَرجِعُ إليهِ، وفِعلُ حُكَّامِ المَدينةِ ليسَ بحُجةٍ إذا لم يَقتَرِنْ بدليلٍ (١).

المَوضِعُ الثَّاني: فيما لوِ ادَّعَتْ أنهُ وَطئَها وأنكَرَ:

قالَ المالِكيةُ: إذا حَصلَتِ الخَلوةُ فادَّعَتْ أنهُ وَطئَها فأنكرَ الوَطءَ فإنها تُصدَّقُ بيَمينِها إنْ خَلا بها خَلوةَ الاهتِداءِ -أي: خَلا بيْنَه وبيْنَها، مَأخوذةٌ مِنْ الهُدوءِ والسُّكونِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنَ الزَّوجَينِ سَكَنَ للآخَرِ واطْمأنَّ إليهِ، وخَلوةُ الاهتِداءِ هي المَعروفةُ بإرخاءِ السُّتورِ- ولَو كانَ مانِعٌ شَرعِيٌّ مِنْ الوَطءِ، كما لو كانَتْ صائِمةً أو مُحرِمةً أو مُعتكِفةً أَوْ حائِضًا أو نُفَساءَ؛ لأنَّ ذلكَ مِمَّا لا يُمكِنُ الإشهادُ عليهِ والتَّوثيقُ بإحضارِ البَيِّنةِ فيهِ، والأصولُ مَوضوعةٌ على أنَّ ما تَعلَّقَ بالزَّوجةِ مِمَّا هذهِ سَبيلُه أنَّ القَولَ قَولُها في حُصولِه؛ لأنَّ الضَّرورةَ تَدعو إلى ائتِمانِها عليهِ، وإنْ آلَ إلى إسقاطِ حَقِّ الزَّوجِ وإيجابِ شَيءٍ عليهِ كالعِدَّةِ، ولأنَّ التَّمكينَ إذا حصَلَ ووقَعَ الاختِلافُ في الفِعلِ فالقَولُ قَولُ مُدَّعي إثباتِهِ دُونَ نافِيهِ، كالعِنِّينِ إذا أمكنَ


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>