للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها صداقًا، فابتَغَتْ أُمُّها صَداقَها، فقالَ لها ابنُ عُمرَ: ليسَ لها صَداقٌ، ولو كانَ لها صَداقٌ لم نَمنَعْكُموهُ ولَم نَظلِمْها، فأبَتْ أنْ تَقْبلَ ذلكَ، فجَعَلوا بيْنَهم زَيدَ بنَ ثابتٍ، فقَضى أنْ لا صَداقَ لها ولها الميراثُ.

أخبَرَنا سُفيانُ عن عَطاءِ بنِ السَّائِبِ قالَ: سَألتُ عبدَ خَيرٍ عَنْ رَجلٍ فُوِّضَ إليهِ فماتَ ولم يَفرِضْ، فقالَ: ليسَ لها إلَّا الميراثُ، ولا نَشُكُّ أنهُ قَولُ عليٍّ، قالَ الشَّافعيُّ: قالَ سُفيانُ: لا أدري «لا نَشُكُّ» أنهُ مِنْ قولِ عليٍّ أم مِنْ قَولِ عَطاءٍ أم مِنْ قولِ عبدِ خَيرٍ.

(قالَ الشَّافعيُّ:) وفي النِّكاحِ وجهٌ آخَرُ قد يَدخلُ في اسمِ التَّفويضِ وليسَ بالتَّفويضِ المَعروفِ نَفسِه، وهوَ مُخالِفٌ للبابِ قبْلَه، وذلكَ أنْ تقولَ المَرأةُ للرَّجلِ: «أتَزوَّجُكَ على أنْ تَفرِضَ لي ما شِئْتَ، أو ما شِئْتُ أنا، أو ما حَكمْتَ أنتَ، أو ما حَكمْتُ أنا، أو ما شاءَ فلانٌ، أو ما رَضيَ، أو ما حكَمَ فلانٌ» لرَجلٍ آخَرَ، فهذا كُلُّه وقَعَ بشَرطِ صَداقٍ، ولكنَّهُ شَرطٌ مَجهولٌ فهو كالصَّداقِ الفاسدِ، مِثلُ الثَّمرةِ الَّتي لم يَبدُ صَلاحُها على أنْ تُتركَ إلى أنْ تَبلُغَ، ومِثلُ المَيتةِ والخَمرِ وما أشبَهَه مِمَّا لا يَحِلُّ مِلكُه ولا يَحِلُّ بَيعُه في حالِهِ تلكَ أو على الأبدِ، فلها في هذا كُلِّهِ مَهرُ مِثلِها، وإنْ طلَّقَها قبْلَ أنْ يَدخلَ بها فلهَا نِصفُ مَهرِ مِثلِها، ولا مُتعةَ لها في قَولِ مَنْ ذهَبَ إلى أنْ لا مُتعةَ للَّتي فرَضَ لها إذا طَلُقَتْ قبلَ أنْ تُمَسَّ، ولها المُتعةُ في قَولِ مَنْ قالَ: المُتعةُ لِكلِّ مُطلَّقةٍ (١).


(١) «الأم» (٥/ ٦٨، ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>