وذهبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وبعضُ المالِكيةِ وابنُ حامدٍ مِنْ الحَنابلةِ إلى أنه يَحقُّ للمرأةِ في هذه الحالةِ أنْ تَحبسَ نفسَها وتَمتنعَ عن الزوجِ حتى يُعطيَها مهرَها؛ لأنَّ المهرَ مُقابَلٌ بجَميعِ ما يُستوفَى مِنْ مَنافعِ البُضعِ في جميعِ الوطَآتِ التي تُوجَدُ في هذا الملكِ، لا بالمُستوفَى بالوطأةِ الأُولى خاصةً؛ لأنه لا يَجوزُ إخلاءُ شيءٍ مِنْ مَنافعِ البضعِ عن بدلٍ يُقابلُه؛ احتِرامًا للبُضعِ وإبانةً لخَطرِه، فكانَتْ هي بالمنع مُمتنِعةً عن تسليمِ ما يُقابلُه بَدلٌ، فكانَ لها ذلكَ بالوطءِ في المرةِ الأُولى، فكانَ لها أنْ تَمنعَه عن الأولِ حتى تَأخذَ مهرَها، فكذا عن الثاني والثالثِ، إلا أنَّ المهرَ يتأكَّدُ بالوطءِ مرةً واحدةً؛ لأنه مَوجودٌ معلومٌ وما وراءَه مَعدومٌ مَجهولٌ، ثم عندَ الوجودِ يتعيَّنُ قطعًا، فيَصيرُ مُزاحمًا، فيأخُذُ قِسطًا مِنْ البدلِ، كالعبدِ إذا جنَى جنايةً يجبُ دفعُه بها، فإنْ جنَى جنايةً أُخرى فالثانيةُ تُزاحِمُ الأُولى عندَ وُجودِها في وجوبِ الدفعِ بها، وكذا الثالثةُ والرابعةُ إلى ما لا يَتناهى، بخلافِ البائعِ