ومَحلُّه الفرقةُ البائنةُ؛ لأنَّ اللفظَ المُطلَقَ يُحمَلُ على العرفِ، والعرفُ في الصَّداقِ المؤجَّلِ تَركُ المُطالبةِ به إلى الموتِ أو البَينونةِ، فيُحملُ عليه فيَصيرُ حينئذٍ مَعلومًا بذلكَ، وعُلِمَ منه أنه يَصحُّ جَعلُ بعضِه حالًّا وبعضِه يَحلُّ بالموتِ أو الفراقِ كما هو مُعتادٌ الآنَ، فلا يَحلُّ مهرُ الرَّجعيةِ إلا بانقضاءِ عدَّتها، قالَ أحمدُ: إذا تزوَّجَ على العاجلِ والآجِلِ لا يَحلُّ إلا بموتٍ أو فرقةٍ؛ لأنَّ كلَ لفظٍ مطلَقٍ يُحملُ على العرفِ، والعُرفُ في الصداق تركُ المطالبةِ به.
فإنْ جعَلَ أجَلَه مدةً مجهولةً كقدومِ زيدٍ لم يَصحَّ التأجيلُ؛ لجَهالتِه، وإنما صَحَّ المطلَقُ لأنَّ أجَلَه الفرقةُ بحكمِ العادةِ، وقد صُرفَ هنا مِنْ العادةِ ذِكرُ الأجَلِ ولم يُبيِّنْه فبقيَ مَجهولًا، فيُحتملُ أنْ تَبطلَ التسميةُ، ويُحتملُ أنْ يَبطلَ التأجيلُ ويَحلُّ، وهوَ القياسُ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ويَجوزُ أنْ يكونَ الصَّداقُ مُعجَّلًا ومؤجَّلًا وبَعضُه معجَّلًا وبعضُه مؤجَّلًا؛ لأنه عِوضٌ في مُعاوضةٍ، فجازَ ذلكَ فيه كالثمنِ، ثمَّ إنْ أطلَقَ ذِكرَه اقتَضى الحُلولَ كما لو أطلَقَ ذِكرَ الثمنِ، وإنْ شرَطَه مُؤجلًا إلى وقتٍ فهو إلى أجَلِه، وإنْ أجَّلَه ولم يَذكرْ أجلَه فقالَ القاضي: المهرُ صحيحٌ ومَحلُّه الفرقةُ، فإنَّ أحمدَ قالَ: إذا تزوَّجَ على العاجلِ والآجِلِ لا يَحلُّ الآجلُ إلا بمَوتٍ أو فرقةٍ، وهذا قولُ النخَعيِّ والشعبيِّ، وقالَ الحسَنُ وحمَّادُ
(١) «المغني» (٧/ ١٦٩، ١٧٠)، و «الكافي» (٣/ ٩٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٤٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٨٢).