للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو طلَّقَ في مسألتِنا بعدَ العقدِ لم يَرجعْ بشيءٍ كمَا رجَّحَه الأذرعيُّ خِلافًا للبغَويِّ؛ لأنه إنما أعطَى لأجلِ العقدِ وقد وُجدَ.

ولو دفَعَ لمخطوبتِه قبلَ العقدِ مالًا وقالَ: «جعلْتُه مِنْ الصداقِ الذي سَيجبُ بالعقدِ، أو مِنْ الكسوةِ التي سَتجبُ بالعقدِ والتمكينِ» وقالَتْ: «بل هي هديةٌ» فالذي يتَّجِه تصديقُها؛ إذ لا قَرينةَ هنا على صدقِه في قصدِه (١).

وقالَ الحَنابلةُ: وهديةُ زوجٍ ليسَتْ مِنْ المهرِ، فمَا أهداهُ الزوجُ مِنْ هديةٍ قبلَ عقدٍ إنْ وعدوُه بأنْ يزوِّجُوه ولم يَفُوا بأنْ زوَّجُوا غيرَه رجَعَ بها، قالَه الشيخُ تقيُّ الدِّينِ؛ لأنه بذَلَها في نظيرِ النكاحِ ولم يُسلَّمْ له، وعُلِمَ منه أنه إنِ امتَنعَ هو لا رُجوعَ له كالمُجاعِلِ إذا لم يَفِ بالعملِ.

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابن تَيميةَ : فيما إنِ اتَّفقَ الخاطبُ معَ المرأةِ ووليِّها على النكاحِ مِنْ غيرِ عقدٍ فأَعطَى الخاطبُ إياها لأجْلِ ذلكَ شيئًا مِنْ غير الصداقِ فماتَتْ قبلَ العقدِ ليسَ له استِرجاعُ ما أعطاهُمْ. انتهى. لأنَّ عدمَ التمامِ ليسَ مِنْ جهتِهم، وعلى قياسِ ذلكَ لو ماتَ الخاطبُ لا رُجوعَ لوَرثتِه.

وما قُبضَ بسببِ النكاحِ كالذي يُسمُّونَه المَأكلةَ فحُكمُه حكمُ المهرِ فيما يُسقطُه أو يُنصِّفُه أو يُقرِّرُه، ويكونُ ذلكَ لها، ولا يَملكُ منه الوليُّ شيئًا إلا أنْ تهَبَه له بشَرطهِ، إلا الأبَ فله أنْ يأخُذَ بالشرطِ وبلا شَرطٍ مِنْ مالِها ما


(١) «إعانة الطالبين» (٣/ ٦٤٣، ٦٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>