للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسابعُ: أنه قيلَ أنَّ هذا خاصٌّ بهذا الرجلِ دونَ غيرِه؛ لِمَا رويَ: «أنَّ رسولَ اللهِ زوَّجَ رجلًا على سُورةٍ مِنْ القُرآنِ ثمَّ قالَ: لا تَكونُ لأحَدٍ بعدَكَ مهرًا» (١).

والثامنُ: أنَّ تعليمَ القرآنِ لا يَجوزُ أنْ يَقعَ إلا قُربةً لفاعلِه، فلم يصحَّ أنْ يكونَ صَداقًا كالصومِ والصلاةِ وتَعليمِ الإيمانِ، ولأنَّ التعليمَ مِنَ المعلِّمِ والمتعلِّمِ مُختلِفٌ ولا يكادُ يَنضبطُ، فأشبَهَ الشيءَ المجهولَ.

وعلى هذا الأصلِ يَجبُ لها مهرُ المثلِ؛ لأنَّ المرأةَ لا تسلَّمُ إلا ببَدلٍ، وتعذَّرَ ردُّ العوضِ، فوجَبَ بدلُه؛ لأنَّ العوضَ الأصليَّ في هذا الباب هوَ مهرُ المثل؛ لأنهُ قيمةُ البُضعِ، وإنما يُعدلُ عنه إلى المُسمَّى إذا صحَّتِ التسميةُ وكانَت التسميةُ تقديرًا لتلكَ القيمةِ، فإذا لم تَصحَّ التسميةُ أو تَزلزلَتْ لم يَصحَّ التقديرُ، فإذا لم يَصحَّ التقديرُ وجَبَ المصيرُ إلى الفرضِ الأصليِّ، ولهذا كانَ المبيعُ بيعًا فاسدًا مَضمونًا بالقيمةِ في ذواتِ القِيَمِ لا بالثمنِ، كذا هذا، والنكاحُ جائزٌ؛ لأنَّ جوازَه لا يَقفُ على التسميةِ أصلًا، فإنه جائزٌ عندَ عَدمِ التسميةِ رأسًا، فعَدمُ التسميةِ إذا لم يَمنَعْ جوازَ النكاحِ ففسادُها أَولى أنْ لا يَمنَعَ، ولأنَّ التسميةَ إذا فسَدَتْ التَحقتْ بالعدمِ، فصارَ كأنه تزوَّجَها ولم يُسمِّ شيئًا، وهناكَ النكاحُ صَحيحٌ، كذا هذا (٢).


(١) حَدِيثٌ منكر: أخرجه سعيد بن منصور (١/ ١٧٦) عن أبي النُّعمانِ الأزديِّ مُرسَلًا، وضعَّفَه الحافِظُ في «الفتح» (٩/ ١٢٠).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٩١، ٩٢)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٧، ٢٧٩)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٢٦٧، ٢٦٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٢٧، ٣٢٨)، و «اللباب» (٢/ ٤١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٤٥، ١٤٦)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٦٨)، و «عمدة القارئ» (٢٠/ ٤٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ١٠٧) «الاستذكار» (٥/ ٤١٤، ٤١٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٥٩) رقم (١١٩٤)، و «تفسير القرطبي» (١٣/ ٢٧٣)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٨٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٥٤، ١٥٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٥، ٣٦)، و «المغني» (٧/ ١٦٣، ١٦٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٣٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٤٥، ١٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٣٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>