للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسبُ ولدِها؛ لأنَّ العدَّةَ لحِفظِ مائِه وصيانةِ نسبِه، ولا يُصانُ ماؤُه المُحترمُ عن مائِه المُحترمِ ولا يُحفظُ نَسبُه عنه، ولذلكَ أُبيحَ للمُختلعةِ نكاحُ مَنْ خالَعَها ومَن لا يَلحقُه نَسبُ ولَدِها، كالزانية لا يَحلُّ له نكاحُها؛ لأنَّ نكاحَها يُفضي إلى اشتباهِ النسبِ، فالواطئُ كغيره في أنَّ الولدَ لا يَلحقُ نسبُه بواحدٍ منهِما (١).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : ومالكٌ وأحمدُ يَشترطانِ الاستبراءَ، وهوَ الصوابُ، لكنْ مالكٌ وأحمدُ في روايةٍ يَشترطانِ الاستبراءَ بحَيضةٍ، والروايةُ الأُخرى عن أحمدَ هي التي عَليها كثيرٌ مِنْ أصحابه كالقاضي أبي يَعلى وأتباعِه أنه لا بدَّ مِنْ ثَلاثِ حِيَضٍ، والصحيحُ أنه لا يَجبُ إلا الاستبراءُ فقط؛ فإنَّ هذهِ ليسَتْ زوجةً يَجب عليها عدَّةٌ، وليسَتْ أعظَمَ مِنَ المُستبْرَأةِ التي يَلحقُ ولدُها سيِّدَها، وتلكَ لا يَجبُ عليها إلَّا الاستبراءُ، فهذه أَولى (٢).

وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والشافِعيةُ إلى أنه يَجوزُ نكاحُ الزانيةِ وإنْ رَآها تَزني وإنْ لم تُستبْرَأَ مِنَ الزنا، وله أنْ يطأَها قبلَ أنْ يَستبْرِئَها، كما لو رَأى امرأتَه تَزني لم يَحرمْ عليهِ وَطؤُها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وقولِه : «لا يُحرِّمُ الحَرامُ الحلالَ»، والعقدُ على الزانيةِ كانَ حلالًا قبلَ الزنا وقبلَ الحَملِ، فلا يُحرِّمُه الزنا.


(١) «المغني» (٨/ ١٠٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>