للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهِهِ (١)، لأنَّ عائِشَةَ وسَلمةَ بنَ الأكوَعِ وسَهلَ بنَ سَعدٍ قد رَوَوا أنَّ النَّبيَّ : «كانَ يسلِّمُ في الصَّلاةِ تَسلِيمَةً واحدةً تِلقاءَ وَجهِهِ»، فإن سلَّم تَسليمتَينِ جعلَ الأُولى عن يَمينِه، والأُخرى عن يَسارِه، قالَ ابنُ مَسعودٍ: «رَأَيتُ النَّبيَّ يسلِّمُ حتى يُرَى بَيَاضُ خَدِّه، عَنْ يَمِينِه وَيَسَارِهِ» (٢).

لكِن حَكى القاضي مِنْ الحَنابلَةِ رِوايةً أُخرى عن الإمامِ أحمدَ أنَّ التَّسليمةَ الثانيةَ واجِبةٌ، وقالَ: هي أصحُّ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : والصَّحِيحُ الأوَّلُ، وليس نَصُّ أحمدَ بصَريحٍ في وُجوبِ التَّسليمَتَينِ، إنما قالَ: التَّسليمَتَانِ أصحُّ عن رَسولِ اللهِ ، وحَديثُ ابنِ مَسعودٍ وغيرِه أذهَبُ إليه، ويَجوزُ أن يُذَهب إليه في المَشروعيَّةِ والاستِحبابِ، دونَ الإيجابِ، كما ذَهب إلى ذلك غيرُه، وقد دلَّ عليه قولُه في رِوايةٍ: أعجَبُ إلَيَّ التَّسليمَتَانِ، ولأنَّ عائِشَةَ وسَلمةَ بنَ الأكوَعِ وَسَهلَ بنَ سَعدٍ قد رَوَوه أنَّ النَّبيَّ : «كانَ يسلِّمُ تَسلِيمَةً واحدةً»، وكانَ المُهاجِرونَ يسلِّمونَ تَسليمةً واحدًة، ففيما ذكَرنا جَمعٌ بينَ الأخبارِ وأقوالِ الصَّحابةِ في أن يَكونَ المَشروعُ والمَسنونُ تَسليمَتَينِ، والواجِبُ واحدةً، وقد دلَّ على صحَّةِ هذا الإجماعِ ما حَكاه ابنُ المُنذرِ، فلا مَعدِلَ عنه، وفِعلُ النَّبيِّ يُحمَلُ على المَشروعيَّةِ والسُّنةِ، فإنَّ أكثرَ


(١) شرح مسلم (٥/ ٨٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٩٩٦)، وابن ماجه (٩١٤)، وغيرهما، ورواه مسلم باختصار (٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>