للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها لا تَحرمُ إلَّا بالدُّخولِ على الأمِّ، وهو مَرويٌّ عن عليٍّ وابنِ عباسٍ مِنْ طُرقٍ ضعيفةٍ.

ومَبنى الخِلافِ: هل الشرطُ في قولِه تَعالَى: ﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣] يَعودُ إلى أقربِ مَذكورٍ وهُمُ الرَّبائبُ فقطْ؟ أو إلى الرَّبائبِ والأمَّهاتِ المذكوراتِ قبْلَ الربائبِ في قولِه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣]؟ فإنه يُحتملُ أنْ يكونَ قولُه تعالَى: ﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ يَعودُ على الأمَّهاتِ والبناتِ، ويُحتملُ أنْ يَعودَ إلى أقربِ مذكورٍ وهمُ البناتُ.

ومِنَ الحُجةِ للجُمهورِ ما روَى المثنَّى بنُ الصباحِ عن عمرِو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النبيَّ قالَ: «أيُّمَا رَجلٍ نكَحَ امرَأةً فدخَلَ بها فلا يَحِلُّ له نِكاحُ ابنَتِها، وإنْ لم يَكنْ دخَلَ بها فلْيَنكِحِ ابنَتَها، وأيُّما رَجلٍ نكَحَ امرَأةً فدخَلَ بها أو لم يَدخلْ بها فلا يَحِلُّ له نِكاحُ أمِّها» (١) (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَنْ تزوَّجَ امرأةً حَرُمَ عليه كلُّ أمٍّ لها مِنْ نَسبٍ أو رَضاعٍ، قريبةٍ أو بعيدةٍ، بمُجرَّدِ العقدِ، نَصَّ عليه أحمَدُ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ، منهمُ ابنُ مسعودٍ وابنُ عُمرَ وجابرٌ وعِمرانُ بنُ حُصينٍ وكثيرٌ مِنَ التابعِينَ، وبه يَقولُ مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُ الرأيِ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: تقدم.
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥، ٢٦)، ويُنظَر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٢٠٦، ٢٠٧)، و «الاستذكار» (٥/ ٤٥٨، ٤٦٠)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٠٧، ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>