للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعامَّةِ فُقهاءِ الإسلامِ؛ لقولِهِ تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، ولمَا رواهُ التِّرمذيُّ وغيرُه عن ابنِ لَهيعةَ عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أنَّ النبيَّ قالَ: «أيُّما رَجلٍ نكَحَ امرَأةً فدخَلَ بها فلا يَحِلُّ له نِكاحُ ابنَتِهَا، وإنْ لم يكُنْ دخَلَ بها فلْيَنكِحِ ابنَتَها، وأيُّما رَجلٍ نكَحَ امرَأةً فدخَلَ بها أو لمْ يَدخلْ بها فلا يَحِلُّ له نِكاحُ أمِّها» (١).

ويُروَى عن عليّ بنِ أبي طالِبٍ أنهُ قالَ: «لا تَحرمُ أمُّ زوجتِهِ إلا إذا دخَلَ ببِنتِها»، قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : لا أعلمُ أحَدًا قالَ بهذا مِنْ فُقهاءِ الأمصارِ أهلِ الرأي والحَديثِ الذينَ تَدورُ عليهم وعلى أصحابهمُ الفتوَى، والحديثُ فيهِ عن عَليٍّ ضعيفٌ لا يَصحُّ؛ لأنَّ خلاسًا يَروِي عن عليٍّ مَناكيرَ ولا يُصحِّحُ رِوايتَه أهلُ العِلمِ بالحِديثِ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ رشدٍ : وأمَّا الأمُّ فذهَبَ الجُمهورُ مِنْ كافةِ فُقهاءِ الأمصارِ إلى أنها تَحرمُ بالعقدِ على البنتِ، دخَلَ بها أو لمْ يدخلْ، وذهَبَ قومٌ إلى أنَّ الأمَّ لا تَحرمُ إلا بالدُّخولِ على البنتِ كالحالِ في البنتِ، أعنِي


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١١١٧) قالَ أبو عيسَى: هذا حديث لا يَصحُّ مِنْ قِبَلِ إسنادِه، وإنما رواهُ ابن لَهيعةَ والمثنَّى بن الصباحِ عن عمرِو بنِ شُعيبٍ، والمُثنَّى بنُ الصباحِ وابنُ لَهيعةَ يُضعَّفانِ في الحديثِ، والعملُ على هذا عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ، قالوا: إذا تزوَّجَ الرجلُ امرأةً ثم طلَّقَها قبلَ أنْ يَدخلَ بها حَلَّ له أنْ يَنكحَ ابنتَها، وإذا تزوَّجَ الرجلُ الابنةَ فطلَّقَها قبلَ أنْ يَدخلَ بها لم يَحِلَّ له نكاحُ أمِّها؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾، وهو قَولُ الشافِعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ.
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>