للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ النبيُّ : لولا ما مضَى مِنْ كِتابِ اللهِ لَكانَ لي ولَهَا شأْنٌ» (١).

ولأنها مَخلوقةٌ مِنْ مائِه، وهذه حَقيقةٌ لا تَختلفُ بالحِلِّ والحُرمةِ، فأشبَهَتِ المَخلوقةَ مِنْ وطءٍ بشُبهةٍ، ولأنها بِضعةٌ منه، فلمْ تَحِلَّ له كابنتِه مِنَ النكاحِ، وتخلُّفُ بعضِ الأحكامِ لا يَنفِي كونَها بِنتًا، كما لو تَخلَّفَ لرِقٍّ أو اختِلاف دِينٍ.

وروَى عبدُ الرزاقِ عن ابن جُرَيجٍ قالَ: أُخبِرتُ عن أبي بَكرِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ ابنِ أُمِّ الحَكمِ قالَ: قالَ رَجلٌ: يا رَسولَ اللهِ زَنَيْتُ بامرَأةٍ في الجاهِليَّةِ أفأَنكِحُ ابنَتَها؟ قالَ: «لا أَرَى ذلكَ، ولا يَصلُحُ لكَ أنْ تَنْكِحَ امرَأةً تَطَّلِعُ مِنْ ابنَتِها على ما تَطَّلِعُ عليهِ منها» (٢) (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : وقد دَلَّ التحريمُ بلَبنِ الفَحلِ على تَحريمِ المَخلوقةِ مِنْ ماءِ الزاني دَلالةَ الأَولى والأَحرى؛ لأنه إذا حَرُمَ عليه أنْ يَنكحَ مَنْ قد تَغذَّتْ بلَبنٍ ثارَ بوطئِه فكَيفَ يَحِلُّ له أنْ يَنكحَ مَنْ قد خُلِقَ


(١) رواه البخاري (٤٤٧٠)، ومسلم (١٤٩٦).
(٢) حَدِيثٌ ضَعيفٌ مُنقطعٌ ومُرسَلٌ: رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٢٧٨٤).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٧)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢١٩، ٢٢١)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٢٨)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٠٧)، و «شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني» (٣/ ٣٦٣، ٣٦٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٦٠، ٦١)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٦٠٢)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٦/ ١٢٢)، و «الإفصاح» (٢/ ١٤١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>