وكذا تَحرمُ مَنْ شَربَتْ مِنْ لَبَنِ امرأةٍ زنَى بها إنسانٌ، فتَحرمُ تلكَ البنتُ على ذلكَ الزاني الذي شَربَتْ مِنْ مائِه، فكَما لا تَحِلُّ له ابنتُه مِنَ الزنا كذلكَ لا يَحِلُّ لهُ نكاحُ مَنْ أرضَعَتْها المَزنِيُّ بها مِنْ ذلكَ الوطءِ؛ لأنَّ اللبنَ لَبنُه والولدَ ولدُهُ وإنْ لم يَلحقْ به.
ولأنَّ اللهَ ﷾ قالَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]. وهذهِ ابنتُهُ دخَلَتْ في عمومِ الآيةِ، فإنها أنثَى مَخلوقةٌ مِنْ مائِه، هذه حَقيقةٌ لا تَختلفُ بالحِلِّ والحرمَةِ، فحَرُمَتْ عليه كتَحريمِ الزانيةِ على ولَدِها مِنَ الزنا.
ولأنَّا نَقولُ: بنتُ الإنسانِ اسمٌ لأنثَى مَخلوقةٌ مِنْ مائِه حَقيقةً، والكَلامُ فيه، فكانَتْ بنتَهُ حَقيقةً، إلا أنَّه لا تَجوزُ الإضافةُ شَرعًا إليهِ؛ لِمَا فيه مِنْ إشاعةِ الفاحِشةِ، وهذا لا يَنفِي النِّسبةَ الحقيقيةَ؛ لأنَّ الحَقائقَ لا مَرَدَّ لها، وهكذا نَقولُ في الإرثِ والنفقةِ أنَّ النسبةَ الحقيقيةَ ثابتةٌ، إلَّا أنَّ الشرعَ اعتبَرَ هناكَ ثُبوتَ النسبِ شرعًا لجَريانِ الإرثِ والنفقةِ لمعنًى، ومَنِ ادَّعى ذلكَ ههُنا فعَليهِ البيانُ.
ويَدلُّ على ذلكَ ما رواهُ الشَّيخانِ عنِ ابن عبَّاسٍ «أنَّ هِلالَ بنَ أُميَّةَ قذَفَ امرَأتَه عندَ النبيِّ ﷺ بشَريكِ بن سَحماءَ، فقالَ النبيُّ ﷺ: أَبصِرُوهَا فإنْ جاءَتْ بهِ -أي وَلَدها- أبيَضَ سبطًا قَضِيءَ العَينَينِ فهو لهِلالِ بنِ أُميَّةَ، وإنْ جاءَتْ بهِ أكحَلَ العَينَينِ سابِغَ الإليتَينِ خَدَلَّجَ السَّاقَينِ فهو لشَريكِ بنِ سَحْماءَ -يعنِي الزَّاني-، فجاءَتْ بهِ كذلكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute