للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ نكاحًا جائِزًا وإنْ كانَ سِرًّا، وإنما يُفسِدُ نكاحَ السِّرِّ أنْ يكونَ بغيرِ شُهودٍ، فأما إذا كَمُلَتْ فيه الشهادةُ فهو نكاحُ العَلانيةِ وإنْ كانوا أسَرُّوهُ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ عقَدَه بوَليٍّ وشاهدَينِ فأسَرُّوهُ أو تَواصَوا بكِتمانِه كُرهَ ذلكَ وصَحَّ النكاحُ، وبه يَقولُ أبو حَنيفةَ والشافعيُّ وابنُ المُنذِرِ.

وممَّن كَرِهَ نكاحَ السِّرِّ عُمرُ وعُروةُ وعَبدُ اللهِ بنُ عُبيدِ اللهِ بنِ عُتبةَ والشَّعبيُّ ونافعٌ مولَى ابنِ عُمرَ.

وقالَ أبو بَكرٍ عبدُ العَزيزِ: النكاحُ باطلٌ؛ لأنَّ أحمَدَ قالَ إذا تزوَّجَ بوَليٍّ وشاهدَينِ: لا، حتَّى يُعلِنَه، وهذا مَذهبُ مالكٍ.

ولنا: قَولُه: «لا نِكاحَ إلَّا بوَليٍّ»، مَفهومُه انعِقادُه بذلكَ وإنْ لم يُوجَدِ الإظهارُ، ولأنه عَقدُ مُعاوَضةٍ، فلمْ يُشترطْ إظهارُه كالبيعِ، وأخبارُ الإعلانِ يُرادُ بها الاستحبابُ، بدليلِ أمرِه فيها بالضَّربِ بالدُّفِ والصَّوتِ، وليسَ ذلكَ بواجِبٍ، فكذلكَ ما عُطِفَ عليهِ، وقولُ أحمَدَ: «لا» نهيُ كَراهةٍ؛ فإنه قد صرَّحَ فيما حَكيْنا عنه قبلَ هذا باستِحبابِ ذلكَ، ولأنَّ إعلانَ النكاحِ والضربَ فيه بالدُّفِ إنما يكونُ في الغالِبِ بعدَ عقدِه، ولو كانَ شرطًا لاعتُبِرَ حالةَ العقدِ كسائرِ الشُّروطِ (٢).


(١) «موطأ مالك» برواية محمد بن الحسن (٢/ ٤٤٦).
(٢) «المغني» (٧/ ٦٣، ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>