فنِكاحُ السِّرِّ ما لم يَحضرْه شاهِدانِ، فأمَّا ما حضَرَه شاهِدانِ فهو نِكاحُ عَلانيَةٍ لا نِكاحُ سِرٍّ؛ إذِ السرُّ إذا جاوَزَ اثنَينِ خرَجَ مِنْ أنْ يكونَ سرًّا، وكذلكَ قولُه ﷺ:«أعلِنُوا النكاحَ»؛ لأنهُما إذا أحضَراهُ شاهدَينِ فقدْ أعلَناهُ، وقولُه ﷺ:«ولو بالدُّفِّ»، نَدبٌ إلى زيادةِ إعلانِه، وهو مَندوبٌ إليهِ (١).
وجاءَ في مُوطَّأِ الإمامِ مالكٍ في رِوايةِ مُحمدِ بنِ الحسَنِ الشَّيبانِيِّ ﵀:(باب نِكاح السِّرِّ):
٥٣٣ - أخبَرَنا مالكٌ عن أبِي الزُّبيرِ:«أنَّ عُمرَ أُتِيَ برَجلٍ في نِكاحٍ لم يَشهَدْ عليهِ إلا رَجلٌ وامرَأةٌ، فقالَ عُمرُ: هذا نكاحُ السِّرِّ ولا نُجيزُه، ولو كُنْتُ تقدَّمْتُ فيه لَرَجمْتُ».
قالَ مُحمدُ بنُ الحسَنِ: وبهذا نأخُذُ؛ لأنَّ النكاحَ لا يَجوزُ في أقَلَّ مِنْ شاهدَينِ، وإنما شَهِدَ على هذا الذي رَدَّه عُمرُ رَجلٌ وامرَأةٌ، فهذا نِكاحُ السِّرِّ؛ لأنَّ الشهادةَ لم تَكملْ، ولو كَمُلَتِ الشهادةُ برَجلَينِ أو رَجلٍ وامرَأتينِ
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٠٠)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٩٨)، و «المحلى» (٩/ ٤٦٦)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٩).