الثاني للمرأةِ:«أتزوَّجُكِ فأحلِّلُكِ للأوَّلِ» فهذا مكروهٌ؛ لِلَعنِ النبيِّ ﷺ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ لَهُ، ومُرادُه النكاحُ بشَرطِ التحليلِ، فيُكرَهُ؛ للحديثِ، وتَحِلُّ للثاني؛ لأنهُ ﵊ سمَّاهُ مُحلِّلًا، وهوَ المُثبِتُ للحِلِّ، أو نقولُ: وُجِدَ الدخولُ في نكاحٍ صَحيحٍ؛ لأنَّ النكاحَ لا يَفسدُ بالشَّرطِ، وشَرطُ التحليلِ شرطٌ فاسدٌ، فلا يَفسدُ بهِ النكاحُ وتَحِلُّ للأولِ.
فإنْ طلَّقَها بعدَما وَطئَها حَلَّتْ للأولِ عندَ أبي حَنيفةَ وزفرَ.
وقالَ أبو يُوسفَ: هذا النكاحُ فاسدٌ؛ لأنهُ في معنَى التوقيتِ للنكاحِ، والتوقيتُ مُفسِدٌ للنكاحِ كمَا لو تزوَّجَ امرأةً شهرًا، وإذا فَسَدَ النكاحُ الثاني فالدخولُ بالنكاحِ الفاسِدِ لا يُوجِبُ الحِلَّ للزوجِ الأولِ.
وقالَ محمَّدٌ: النكاحُ صَحيحٌ ولا تَحِلُّ للأولِ؛ لأنهُ استَعجلَ ما أخَّرَهُ الشَّرعُ، فيُجازَى بمَنعِ قصدِه، كما في قَتلِ المُورِّثِ.
قالَ الكاسانِيُّ ﵀: وإنْ شُرِطَ الإحلالُ بالقولِ وأنه يَتزوَّجُها لذلكَ وكانَ الشرطُ منها فهوَ نكاحٌ صحيحٌ عندَ أبي حنيفةَ وزفرَ، وتَحِلُّ للأولِ، ويُكرهُ للثاني والأولِ.
وقالَ أبو يوسفَ: النكاحُ الثاني فاسِدٌ، وإنْ وَطئَها لم تَحِلَّ للأولِ.
وقالَ مُحمدٌ: النكاحُ الثاني صَحيحٌ ولا تَحِلُّ للأولِ.
وجهُ قولِ أبي يوسفَ أنَّ النكاحَ بشرطِ الإحلالِ في معنَى النكاحِ المؤقَّتِ، وشرطُ التوقيتِ في النكاحِ يُفسِدُه، والنكاحُ الفاسدُ لا يَقعُ بهِ التحليلُ.