للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ رَضِيَتْ بهِ عنِّينًا بعدَ عِلمِها بذلكَ بَطلَ خِيارُها عندَ عامَّةِ الفقهاءِ إلا أحَدَ قولَي الشافِعيةِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإنْ قالَتْ في وَقتٍ مِنَ الأوقاتِ: «قد رَضِيتُ بهِ عنِّينًا» لم يكنْ لها المُطالَبةُ بعْدُ).

وجُملةُ الأمرِ أنها متى رَضِيتْ بهِ عنِّينًا بَطلَ خِيارُها، سواءٌ قالَتْ عَقيبَ العَقدِ أو بعْدَ ضَربِ المدَّةِ أو بعْدَ انقضائِها، ولا نَعلمُ في بُطلانِ خيارِها بقَولِها ذلكَ بعدَ انقضاءِ المدَّةِ خِلافًا.

فأمَّا قبلَها فإنَّ الشافِعيَّ قالَ في الجَديدِ: لا يَبطلُ خِيارُها؛ لأنَّ حقَّها في الفسخِ إنَّما يَثبتُ بعدَ انقضاءِ المدَّةِ، فلم يصحَّ إسقاطُهُ قبْلَها، كالشَّفيعِ يُسقِطُ حقَّه قبلَ البَيعِ.

ولنَا: إنِّها رَضِيتْ بالعيبِ بعْدَ العَقدِ، فسَقطَ خيارُها كسائرِ العُيوبِ كما بعْدَ انقضاءِ المدَّةِ.

وما ذكَرُوه غَيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ العُنَّةَ التي هيَ سَببُ الفَسخِ مَوجودةٌ، وإنَّما المدَّةُ ليُعلَمَ وُجودُها ويَتحقَّقَ عِلمُها، فهيَ كالبيِّنةِ في سائرِ العُيوبِ، ويُفارِقُ الشُّفعةَ؛ فإنَّ سبَبَها البَيعُ، ولم يُوجَدْ بعدُ (١).

ولا خِلافَ بَينَ العُلماءِ على أنَّ المَرأةَ إذا رَفعَتْ أمْرَها إلى الحاكِمِ مِنْ أجْلِ عُنَّةِ زَوجِها أنه يُؤخِّرُه سنَةً.


(١) «المغني» (٥/ ١٥٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤١٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ١١٨)، ويُنظَر: «الاختيار» (٣/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>