للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوِ ذلكَ ممَّا تُردُّ بهِ الأمَةُ المَعيبةُ، فإنَّ الحرَّةَ لا تُقلَّبُ كما تُقلَّبُ الأمَةُ، والزَّوجُ قد رَضيَ بها رضًى مُطلَقًا، بخِلافِ البيعِ، وهوَ معَ هذا لم يَشتَرطْ فيها صِفةً فبانَتْ دُونَها، والشَّرطُ إنَّما يَثبتُ شَرطًا وعُرفًا، وما أمكَنَ معهُ الوَطءُ وكمالُهُ فلا يَنضبطُ فيه أغرَاضُ النَّاسِ، والنِّساءُ يُرضَى بهنَّ في العُرفِ والعادَةِ معَ الصِّفاتِ المُختلِفةِ، والمَقصودُ مِنَ النكاحِ المُصاهَرةُ والاستِمتاعُ، وذلكَ يَختلفُ باختِلافِ الصِّفاتِ، فهذا فَرقٌ شَرعيٌّ مَعقولٌ في عُرفِ الناسِ.

وقالَ: وأمَّا الرَّجلُ فأمرُه ظاهِرٌ يراهُ مَنْ شاءَ، فليسَ فيهِ عَيبٌ يُوجِبُ الردَّ، والمَرأةُ إذا فرَّطَ الزوجُ في بَصَرِها أولًا فلَهُ طريقٌ إلى التَّخلصِ منها بالطَّلاقِ، فإنَّهُ بيدهِ دونَ المَرأةِ (١).

وقالَ أيضًا: يَثبتُ بالاستِحاضةِ الفَسخُ في أظهَرِ الوجهَينِ، وتُردُّ المرأةُ بكلِّ عَيبٍ يُنفرُ عن كَمالِ الاستِمتاعِ.

وقالَ: ولو بانَ الزوجُ عَقيمًا فقِياسُ قَولِنا بثُبوتِ الخِيارِ للَمرأةِ أنَّ لها حقًّا في الولَدِ، ولِهذا قُلنا: لا يعزلُ عنِ الحُرةِ إلا بإذنِها، وعنِ الإمامِ أحمَدَ ما يَقتضِيه، ورُوي عن أميرِ المُؤمنِينَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ أيضًا (٢).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : وأمَّا الاقتِصارُ على عَيبَينِ أو ستَّةٍ أو سَبعةٍ أو ثمانيَةٍ دونَ ما هوَ أَولى منها أو مُساوٍ لها فلا وَجهَ لهُ، فالعَمى والخَرَسُ والطَرَشُ وكونُها مَقطوعةَ اليدَينِ أو الرِّجلَينِ أو إحداهُما أو كَونُ الرَّجلِ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٥٤، ٣٥٦).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>