قالَ عمَرُ بنُ الخطَّابِ ﵁: «أيُّما رَجلٍ تَزوَّجَ امرَأةً وبها جُنونٌ أو جُذامٌ أو بَرَصٌ فمَسَّها فلَها صَداقُها كامِلًا، وذلكَ لزَوجِها غُرمٌ على وَليِّها» (١).
ولأنَّ النِّكاحِ عَقدُ مُعاوضَةٍ قابِلٌ للرَّفعِ فجازَ رَفعُه بسَببِ العُيوبِ المُؤثِّرةِ في المَقصودِ كالبَيعِ.
وقالَ ﷺ: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرارَكَ مِنَ الأسَدِ»، والفَسخُ طَريقُ الفِرارِ، ولو لَزمَ النِّكاحُ لَمَا أمَرَ بالفِرارِ.
وعَن عُمرَ ﵁ أنه أَثبَتَ الخِيارَ للزَّوجِ بهذهِ العُيوبِ.
والمَعنى فيهِ أنَّ النِّكاحَ عَقدُ مُعاوَضةٍ يَحتمِلُ الفَسخَ بأسبابٍ، فيَثبتُ فيهِ حَقُّ الرَّدِّ بعَيبٍ يُخِلُّ بالمَقصُودِ كالبَيعِ، والمَقصودُ بالنِّكاحِ طَبعًا قَضاءُ الشَّهوةِ، وشَرعًا النَّسْلُ، وهذهِ العُيوبُ تُخِلُّ بهذا المَقصودِ.
ولأنَّ مَصالحَ النِّكاحِ لا تَقومُ معَ وُجودِ العُيوبِ أو تَختلُّ بها؛ لأنَّ بعْضَها ممَّا يَنفرُ عَنها الطِّباعُ السَّليمةُ، وهوَ الجُذامُ والجُنونُ والبَرَصُ، فلا تَحصلُ المُوافقةُ فلا تَقومُ المَصالحُ أو تَختلُّ، وبعْضُها ممَّا يَمنعُ مِنَ الوَطءِ، وهوَ الرَّتْقُ والقَرَنُ، وعامَّةُ مَصالحِ النِّكاحِ يَقفُ حُصولُها على الوَطءِ، فإنَّ العِفَّةَ عنِ الزِّنا والسَّكنَ والولَدَ لا يَحصلُ إلا بالوَطءِ، ولِهذا يَثبتُ الخِيارُ في العُيوبِ.
(١) رواهُ مالِكٌ في «الموطأ» عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ عنه (١٠٩٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute