للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل للمَرأةِ إذا زَوَّجتْ نفْسَها مِنْ غيرِ كُفءٍ أنْ تَمنعَ نفْسَها مِنْ أنْ يَطأَها؟ مُختارُ الفَقيهِ أبي اللَّيثِ: نَعم، قالَ في «التَّجنِيس»: هذا وإنْ كانَ خِلافَ ظاهرِ الجَوابِ؛ لأنَّ مِنْ حُجَّةِ المَرأةِ أنْ تقولَ: إنَّما تزوَّجتُكَ على رَجاءِ أنْ يُجيزَ الوَليُّ، وعسَى لا يَرضى، فيُفرَّقُ فيَصيرُ هذا وَطأً بشُبهةٍ (١).

وقالَ المالِكيةُ: للمَرأةِ وللوليِّ معًا تَركُ الكَفاءةِ وتَزويجُها مِنْ فاسِقٍ سِكِّيرٍ يُؤمَنُ عَليها منهُ؛ وذلكَ لأنَّ الحَقَّ لهُمَا في الكَفاءةِ، فإذا أسقَطَا حَقَّهما مِنها وزوَّجَها مِنْ فاسِقٍ كانَ النِّكاحُ صَحيحًا على المُعتمَدِ.

فإنْ لَم يَرضَيَا معًا فالقَولُ لمَنِ امتَنعَ مِنهُما، وعلى الحاكمِ مَنعُ مَنْ رَضيَ مِنهُما وإنْ رَضيَتْ لحَقِّ اللهِ حِفظًا للنُّفوسِ.

وقيلَ: إنَّ تَزويجَ الفاسِقِ غَيرُ صَحيحٍ ويَتعيَّنُ فَسخُه، ورجَّحَهُ جماعةٌ.

قالَ الدُّسوقيُّ : وحاصِلُ ما في المَسألةِ أنَّ ظاهرَ ما نقَلَه الحطَّابُ وغَيرُه واستظهَرَه الشَّيخُ ابنُ رَحالٍ مَنعُ تَزويجِها مِنْ الفاسِقِ ابتِداءً وإنْ كانَ يُؤمَنُ عَليها مِنهُ، وأنه ليسَ لها ولا للوَليِّ الرِّضا به، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّ مُخالَطةَ الفاسقِ مَمنُوعةٌ وهجرَهُ واجبٌ شَرعًا، فكيفَ بخُلطةِ النِّكاح؟!


(١) «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٩٤)، ويُنظَر: «المبسوط» (٥/ ٢٦، ٢٧)، و «الهداية» (١/ ٢٠١)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٥)، و «العناية» (٤/ ٤٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٥، ٣٠٦)، و «اللباب» (٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>