للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافعيُّ: لا يَجوزُ نِكاحُ الأمَةِ الكِتابيةِ، ويَحلُّ وَطؤُها بمِلكِ اليمينِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ليسَ بينَ أهلِ العِلمِ -بحَمدِ اللهِ- اختلافٌ في حِلِّ حَرائرِ نِساءِ أهلِ الكِتابِ، وممَّن رُويَ عنه ذلكَ عُمرُ وعُثمانُ وطَلحةُ وحُذيفةُ وسَلمانُ وجابرٌ وغيرُهم.

قالَ ابنُ المنذِرِ: ولا يَصحُّ عن أحَدٍ مِنْ الأوائلِ أنه حَرَّمَ ذلكَ، ورَوى الخلَّالُ بإسنادِه أنَّ حُذيفةَ وطَلحةَ والجارُودَ بنَ المُعلَّى وأُذينةَ العَبديَّ تزوَّجُوا نِساءً مِنْ أهلِ الكتابِ، وبه قالَ سائرُ أهلِ العِلمِ …

وأهلُ الكِتابِ الذينَ هذا حُكمُهم هم أهلُ التَّوراةِ والإنجيلِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]، فأهلُ التَّوراةِ اليهودُ والسامِرةُ، وأهلُ الإنجيلِ النَّصارى ومَن وافَقَهم في أصلِ دِينِهم مِنْ الإفرنْجِ والأرمَنِ وغيرِهم.

وأمَّا الصابئونَ فاختَلفَ فيهم السَّلفُ كَثيرًا، فرُويَ عن أحمَدَ أنهم جِنسٌ مِنْ النَّصارَى، ونَصَّ عليه الشافِعيُّ، وعلَّقَ القولَ فيهم في مَوضعٍ آخَرَ.

وعن أحمَدَ أنه قالَ: بلَغَني أنهم يَسبِتونَ، فهؤلاءِ إذًا يُشبِهونَ اليهودَ.

والصَّحيحُ فيهم أنهم إنْ كانوا يُوافِقون النَّصارى أو اليهودَ في أصلِ دينِهم ويُخالِفونَهم في فُروعِه فهُم ممَّن وافَقوهُ، وإنْ خالَفوهُم في أصلِ الدِّينِ فليسَ هم منهُ، والله أعلَمُ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>