للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الحنفية إلى أنه يَجوزُ للمُحرمِ أنْ يليَ عقْدَ النكاحِ لنَفسِه ولغيرِه وأنْ يُوكِّلَ ويتوكَّلَ فيهِ (١)؛ لِمَا رواهُ مُسلمٌ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ عنِ أبي الشَّعثاءِ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أخبَرَه: «أنَّ النبيَّ تَزوَّجَ مَيمونةَ وهو مُحرِمٌ» (٢)، إلا أنه لا يَجوزُ له أنْ يَدخلَ بها حتَّى يَحِلَّ مِنْ إحرامِه.

قالَ الإمامُ الطَّحَاويُّ : فأمَّا النَّظرُ في ذلكَ: فإنَّ المُحرِمَ حرامٌ عليه جِماعُ النِّساءِ، فاحتُملَ أنْ يكونَ عقدُ نكاحِهنَّ كذلكَ، فنظَرْنا في ذلكَ فوَجدْناهُم قد أجمَعُوا أنه لا بأسَ على المُحرمِ بأنْ يَبتاعَ جارِيةً، ولكنْ لا يَطؤُها حتَّى يَحِلَّ، ولا بأسَ بأنْ يَشتريَ لِيَتطيَّبَ به بعدَما يَحِلُّ، ولا بأسَ بأنْ يَشتريَ قَميصًا لِيَلبسَه بعدَما يَحلُّ، وذلكَ الجِماعُ هو والتطيُّبُ واللِّباسُ حَرامٌ


= إحداهُما: أنَّ سليمانَ بنَ يسارٍ هو مَولاهَا، فمِثلُه قد يطَّلعُ على باطنِ حالِها، ومعهُ مَزيدُ علمٍ خَفِيَ على غيرِه.
الثاني: أنه هو الذي روَى حديثَ أبي رافعٍ عنه كما تقدَّمَ، وأهلُ الحديثِ يَعدُّونَه حديثًا واحدًا أسنَدَه سليمانُ تارةً وأرسَلَه أُخرى، فيُعلَمُ أنه تلقَّى هذا الحديثَ عن أبي رافعٍ وهو كانَ الرسولَ في النكاحِ، وقد روَى يونسُ بنُ بكيرٍ عن جعفرَ بنِ برقانَ عن مَيمونِ بنِ مَهرانَ عن يزيدَ بنِ الأصمِّ قالَ: «تزوَّجَ رسولُ اللهِ مَيمونةَ وهو حَلالٌ، بعَثَ إليها الفضلَ بنَ العباسِ ورَجلًا معه، فزوَّجوهُ إياها»، وهذا يوافِقُ الذي قبلَه في تقدُّمِ النكاحِ، ويخالِفُه في تسميةِ أحَدِ الرَّجلينِ. «شَرْح العُمدَة» (٣/ ١٨٥، ١٩٩).
(١) «المبسوط» (٤/ ١٩١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ١١٤، ١١٥)، و «شرح معاني الآثار» (٢/ ٢٦٨، ٢٧١)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ١٩٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١١٠).
(٢) رواه مسلم (١٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>