للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكَحَ، وحَكَى القاضي في كَونِ المُحرمِ وليًّا لغيرِه رِوايتينِ:

إحداهُما: لا تَصحُّ، وهي اختِيارُ الخِرقيِّ.

والثانيةُ: تَصحُّ، وهي اختِيارُ أبي بَكرٍ؛ لأنَّ النكاحَ حرِّمَ على المُحرِمِ؛ لأنه في دَواعِي الوَطءِ المُفسِدِ للحَجِّ، ولا يَحصلُ ذلكَ فيه بكَونِه وليًّا لغيرِه.

والأولُ أَولى؛ لدُخولِه في عُمومِ الخبَرِ، ولأنه عَقدٌ لا يَصحُّ للمُحرمِ، فلا يَصحُّ منه كشِراءِ الصَّيدِ (١).


(١) «المغني» (٧/ ١٤٠)، و «الكافي» (١/ ٤٠٢)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٣٤٥)، وقالَ ابنُ تَيميةَ : فإنْ قيلَ: فقدْ روَى ابنُ عباسٍ: «أنَّ النبيَّ تزوَّجَ مَيمونةَ وهو مُحرِمٌ» رواهُ الجَماعةُ، وفي روايةٍ للبخاريِّ: «وبنَى بها وهو حَلالٌ وماتَتْ بسَرفٍ»، وللبخاريِّ تعليقًا: «تزوَّجَ النبيُّ في عُمرَةِ القَضاءِ مَيمونةَ وهو حَلالٌ وماتَتْ بسَرفٍ»، وفي روايةٍ للنَّسائيِّ: «جعَلَتْ أمْرَها إلى العبَّاسِ فأنكَحَها إياهُ»، وفي رِوايةٍ عن عكرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ النبيَّ تزوَّجَ مَيمونةَ بنتَ الحارثِ وهُمَا مُحرِمانِ» رواهُ أحمدُ مِنْ حديثِ حمَّادِ بنِ سَلمةَ عن حُميدٍ عنه.
وعن الشعبيِّ وعطاءٍ وعكرمةَ: «أنَّ رسولَ اللهِ تزوَّجَ مَيمونةَ وهو مُحرِمٌ»، ولفظُ الشعبيِّ: «احتَجَمَ وهو مُحرمٍ، وتزوَّجَ الهِلاليةَ وهو مُحرِمٌ» رواهُنَّ سعيدٌ.
وعن أبي هُريرةَ وعائشةَ وعن عِكرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنه كانَ لا يَرَى به -يعنِي بنكاحِ المُحرِمِ- بأسًا ويُحدِّثُ: «أنَّ رسولَ اللهِ تزوَّجَ مَيمونةَ بنتَ الحارثِ وهو مُحرِمٌ بسَرفٍ، وبنَى بها لمَّا رجَعَ بذلكَ الماءِ» رواهُ سعيدُ بن أبي عَروبةَ عن يَعلى بنِ خليفةَ عنه.
ويؤيِّدُ ذلكَ أنَّ النبيَّ اعتَمرَ عُمرةَ القَضيةِ مِنْ ذِي الحُليفةِ، فإنه لم يُجزِها بغيرِ إحرامٍ قطُّ، وكانَتْ مَيمونةُ بمكَّةَ، وقد رُوي أنه قالَ لأهلِ مكةَ: «دَعُوني أُعرسْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>