للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧٥: وحدَّثِني عن مالكٍ أنه بلَغَه أنَّ سَعيدَ بنَ المسَيَّبِ وسالمَ بنَ عبدِ اللهِ وسُليمانَ بنَ يَسارٍ سُئِلُوا عن نِكاحِ المُحرِمِ فقالوا: لا يَنكحِ المُحرِمُ ولا يُنكِحْ، قالَ مالكٌ في الرَّجلِ المُحرِمِ: إنه يُراجِعُ امرَأتَه إنْ شاءَ إذا كانَتْ في عدَّةٍ منهُ (١).

وعن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ: «أنَّ رَجلًا تزوَّجَ وهو مُحرِمٌ فأجمَعَ أهلُ المَدينةِ على أنْ يُفرَّقَ بينَهُما» (٢).

ولأنه نِكاحٌ لا يَعقبُه استِباحةُ الوَطءِ ولا القُبلةُ، فلمْ يَصحَّ كنِكاحِ المُعتدَّةِ، ولأنهُ عَقدٌ يَمنعُ الإحرامُ مِنْ مَقصودِه، فمُنعَ أصلُه كشِراءِ الصَّيدِ.

قالَ المالِكيةُ: «لا يَنكحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا يَخطبُ» أي: يَحرمُ عليهِ، وكذا يَحرمُ عليه أنْ يَحضرَ نكاحًا، فإنْ كانَ أحدُ الزَّوجينِ مُحرِمًا أو الوليُّ أو الوكيلُ مُحرِمًا حالَ العقدِ فالفَسادُ، وأَولى أكثَرُ مِنْ واحدٍ، ولا يُراعَى وَقتُ التَّوكيلِ؛ لقولِ النبيِّ : «لا يَنكحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ»، ولأنه سَببٌ يَثبتُ به تَحريمُ المُصاهَرةِ أو سَببٌ تَصيرُ المرأةُ به فِراشًا، فوجَبَ أنْ يُحظَرَ حالَ الإحرامِ كالوَطءِ، ولأنَّ كُلَّ معنًى حَرَّمَ الطِّيبَ حرَّمَ النكاحَ كالعدَّةِ.

وله أنْ يُراجِعَ؛ لأنه ليسَ بعَقدِ نكاحٍ، وإنما هو مِنْ حُقوقِ النكاحِ، فلم يَمنعْ منه الإحرامُ كالطَّلاقِ والظِّهارِ.

وهذا كلُّه في الوليِّ الخاصِّ، وأمَّا الحاكِمُ والقاضي يكونُ كُلٌّ منهُما


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٧٧٥).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٨٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>