للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : مالِكٌ يَرَى أنَّ النكاحَ مُنعقِدٌ برِضَا الزوجَينِ المالكَينِ لأنفُسِهما ووَليِّ المرأةِ، أو رِضَا الوليَّينِ في الصِّغارِ ومَن جَرَى مَجراهُم مِنْ البَوالِغِ الكِبارِ على ما ذكَرْنا مِنْ مَذهبِه في بابِ الأولياءِ.

وليسَ الشُّهودُ في النكاحِ عندَه مِنْ فَرائضِ عَقدِ النكاحِ، ويَجوزُ عَقدُه بغيرِ شُهودٍ، وهو قولُ اللَّيثِ.

والحُجَّةُ لمَذهبِه أنْ البُيوعَ التي ذكَرَ اللهُ فيها الإشهادَ عندَ العقدِ قد قامَتِ الدَلالةُ بأنَّ ذلكَ ليسَ مِنْ فَرائضِ البُيوعِ، فالنكاحُ الذي لم يَذكُرِ اللهُ فيه الإشهادَ أحرَى بأنْ لا يكونَ الإشهادُ فيه مِنْ شُروطِ فَرائضِه، وإنَّما الفَرضُ الإعلانُ والظُّهورُ لحِفظِ الأنسابِ، والإشهادُ يَصلحُ بعدَ العقدِ للتَّداعِي والاختِلاف فيما يَنعقدُ بينَ المُتناكحَينِ.

وقد رُويَ عن النبيِّ أنه قالَ: «أعلِنُوا النكاحَ»، وقولُ مالكٍ هذا هو قَولُ ابنِ شِهابٍ وأكثرِ أهلِ المَدينةِ.

وقالَ الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ وأصحابُهما والثَّوريُّ والحَسنُ بنُ صالِحٍ: لا نِكاحَ إلَّا بشُهودٍ.

وقالَ الشافعيُّ والحسَنُ والثَّوريُّ: أقَلُّ ذلكَ شاهِدَا عَدلٍ، إلَّا أنَّ الشافعيَّ قالَ: شُهودِ النكاحِ على العَدالةِ حتَّى تَتبيَّنَ الجُرحةُ في حينِ العقدِ.

وقالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه: يَجوزُ أنْ يَنعقدَ النكاحُ بشَهادةِ أعمَيَينِ ومَحدودَينِ في قَذفٍ وفاسِقَينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>