للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليَتيمةُ في نَفسِها، فإنْ سكَتَتْ فقدْ أَذِنَتْ»، فهذا نَصٌّ في مَوضعِ الخِلافِ، ولأنَّ الإذنَ الذي هو بالقولِ لا يَختلفُ باختِلافِ الأولياءِ، فكذلكَ الصُّماتُ، ولأنَّ السُّكوتَ إنما جُعلَ إذنًا في حَقِّها لأنها تَستحِي أنْ تتكلَّمَ ويَغلبُ عليها الحَياءُ، ويُكرَهُ أنْ تُسرعَ بالنطقِ إلى الإجابةِ فيُظنَّ منها مُحبِّةٌ لذلكَ، وهذا لا يَختلفُ باختلافِ الأولياءِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في وجهٍ إلى أنه لا يَحصلُ إلَّا بنُطقِها؛ لأنَّ كلَّ مَنْ يَفتقرُ نكاحُها إلى إذنِها افتَقرَ إلى نُطقِها مع قُدرتِها على النطقِ كالثيِّبِ.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : فأمَّا البكرُ فإذنُها صُماتُها في قولِ أهلِ العلمِ، منهُم شُريحٌ والشعبيُّ وإسحاقُ والنخَعيُّ والثوريُّ والأوزاعيُّ وابنُ شُبرمةَ وأبو حَنيفةَ، ولا فرْقَ بينَ كونِ الوليِّ أبًا أو غيرَه.

وقالَ أصحابُ الشافعيِّ: في صَمتِها في حَقِّ غيرِ الأبِ وَجهانِ:

أحَدُهما: لا يكونُ إذنًا؛ لأنَّ الصُّماتَ عدمُ الإذنِ، فلا يكونُ إذنًا، ولأنه مُحتمِلٌ الرِّضا والحياءَ وغيرَهما، فلا يكونُ إذنًا كما في حَقِّ الثيِّبِ، وإنما اكتُفيَ به في حَقِّ الأبِ لأنَّ رِضاءَها غيرُ مُعتبَرٍ.

وهذا شُذوذٌ عن أهلِ العلمِ وتَركٌ للسُّنةِ الصحيحةِ الصريحةِ يُصانُ الشافعيُّ عن إضافتِه إليهِ وجَعْلِه مَذهبًا له مع كَونِه مِنْ أَتْبَعِ الناسِ لسُنةِ رسولِ اللهِ ، ولا يُعرِّجُ مُنصِفٌ على هذا القولِ،


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥) رقم (١١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>